الرئيسية / مقالات رأي / أي جدول أعمال لقمة الجزائر؟

أي جدول أعمال لقمة الجزائر؟

بقلم: علي فخرو – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- سيجتمع في الشهر المقبل قادة الدول العربية في مؤتمر قمة جديد في الجزائر، فهل سيعكس واضعو جدول الأعمال نبض الشارع العربي، ومتطلبات المشهد العربي الجماعي الحالي، وتعقيدات العصر الذي نعيش، لتناقش القضايا المحورية الجوهرية، وليس القضايا الهامشية العابرة؟ بل هل سيعي القادة المجتمعون ثقل المسؤوليات الملقاة على عاتقهم، ويأخذون المواقف والقرارات الحكيمة الشجاعة المستقلة عن كل تدخل خارجي، والتي تحتم أخذها ظروف الوطن العربي كله، ولا تستثني أحداً؟

  هناك أربعة عناوين رئيسية تحتاج إلى مناقشة بعمق ومسؤولية واتخاذ قرارات قومية ملتزمة لمواجهتها.

*أولاً، هناك الاستباحة المخجلة الخطرة من قبل بعض الدول والكيانات الإقليمية غير العربية لثروات الوطن العربي، ولاستقلاله الوطني والقومي ولأمنه الداخلي، ولكل مكونات ثقافة شعوبه. وتأخذ تلك الاستباحة أشكالاً لا تحصى من الابتزازات الاقتصادية والمالية، ومن إذكاء الصراعات الطائفية، ومن مساعدات مبطنة مالية ولوجستية للجماعات الإرهابية المجنونة، ومن تأجيج لحملات إعلامية مركزة واستعمالات خبيثة لوسائل التواصل موجهة للداخل، ليس بقصد حل مشاكله، وإنما بقصد تمزيقه، وإدخاله في دوامة خلافات ومماحكات لا تنتهي.

  سنحتاج إلى أعطاء أولوية قصوى لمواجهة الاستباحات الأمريكية والإقليمية، وأولوية قومية لمساندة معنوية ومالية ولوجستية لأي قطر، أو نظام، أو شعب عربي يقف في وجه تلك الاستباحات.

*ثانياً، هناك صور الضعف الشديد والعلل الكثيرة التي حلت بالنظام الإقليمي العربي القومي، وفي مقدمتها التكالب الخبيث لإضعاف الجامعة العربية وتمزيق التكتلات الوحدوية الجزئية، من مثل مجلس التعاون الخليجي، أو الاتحاد العربي المغاربي. لا بد هنا من إصلاحات للبعض، ومحاولات جادة لمنع الانقسامات العبثية بين البعض الآخر، ودعم حقيقي لكل خطوة وحدوية، جزئية أو شاملة، رسمية أو مدنية. ومن أجل القيام بذلك يحتاج المؤتمرون لأفكار علماء السياسة والاجتماع والاقتصاد ولبحوث مراكز متخصصة ليقدموا مقترحات علمية موضوعية عقلانية محددة.

  لقد نجحت قوى الاستعمار، وبعض قوى الداخل، في تمزيق أفكار ومؤسسات العمل القومي الواحد وحفرت ثغرات في جميعها، ما يستدعي عملاً جماعياً لإبطال تلك النجاحات التي تريد إبقاء هذه الأمة ضعيفة وخارج التاريخ والعصر.

*ثالثاً، هناك المطالب الإنسانية الديمقراطية والمعيشية العادلة التي طرحتها الملايين من أفراد الشعوب العربية إبان الحراكات الجماهيرية الأخيرة. وستكون كارثة لو تعامل القادة مع تلك الشعارات كظاهرة مؤقتة عابرة. إن مطالب من مثل الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية لا يمكن أن تكون عابرة ويحتاج المجتمعون أن يتباحثوا بشأن التعامل معها بعقلانية وروح إنسانية مسؤولة، وبتعاون وتكاتف حتى لا تنفجر في وجه الجميع في المستقبل، وحتى لا يستعملها، من لا يريدون الخير لهذه الأمة، كنشاطات مبعثرة تائهة تمنع انتقال المجتمعات العربية بصورة سلمية إلى ديمقراطية سياسية واقتصادية عادلة.

*رابعاً، هناك تراجع كبير في قيم وأخلاقيات وعلاقات البشر بسبب تراجعات كبرى في حضارة الغرب المهيمنة على العالم.  وهذا موضوع له انعكاساته وتأثيراته الكبيرة في الأمة العربية أيضاً. ولأهميته وتعقيداته سنحتاج إلى مقال خاص به في الأيام القليلة المقبلة.

  تحت كل بند من البنود الأربعة، العشرات من التفاصيل والأمثلة. ومن هنا حاجة المجتمعين إلى الاستعانة بآراء وعلم الخبراء والأخصائيين وأصحاب الحكمة لمواجهة تلك التفاصيل.

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …