الرئيسية / مقالات رأي / تراس والصعود إلى الهاوية

تراس والصعود إلى الهاوية

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- من بين أكثر من عشرة مرشحين كانوا يتنافسون على خلافة رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، نجحت ليز تراس وزيرة الخارجية السابقة، في الوصول إلى زعامة حزب المحافظين، وبالتالي تولي منصب رئيسة الوزراء، استناداً إلى مسألتين أساسيتين، الأولى أنها تملك خطة اقتصادية تقوم على خفض الضرائب، والثانية أنها بقيت على ولائها لجونسون الذي لا يزال يحظى بولاء عدد لا يستهان به من أعضاء الحزب.

 لكن تراس وبعد نحو شهر من توليها منصب رئاسة الوزراء، وجدت نفسها الآن تكافح من أجل البقاء في السلطة، التي يبدو أنها تقترب من فقدانها، بعد أخطائها الكارثية في تطبيق خطتها الاقتصادية، التي تسببت باضطرابات، وأحدثت فوضى عارمة في أسواق المال، في وقت يعاني الاقتصاد أزمات حادة، انعكست على معظم قطاعات الشعب البريطاني، الذي يعاني بدوره نقص المحروقات، وارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشة.

 وبالمحصلة لم تجد تراس أمامها سوى التضحية بوزير المالية كواسي كوارتينغ وهو صديقها المقرب وشريكها في وضع الخطة الاقتصادية المستوحاة من خطة وضعها الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان في ثمانينات القرن الماضي، بقيمة 45 مليار جنيه إسترليني (50 مليار دولار) من تخفيضات ضريبية مموَّلة حصراً من الديون المرتفعة. لكن النتيجة جاءت على عكس ما تشتهي تراس؛ حيث تراجعت الأسواق، وارتفعت تكاليف الإقتراض لملايين البريطانيين، وتراجعت معها شعبية المحافظين في استطلاعات الرأي، ما تسبب بحرب مفتوحة داخل الحزب، ونوع من التمرد بين أعضائه النواب؛ حيث قدم 100 عضو في البرلمان رسالة إلى رئيس اللجنة المنظمة للانتخابات في الحزب، يطالبون فيها بسحب الثقة من تراس، على الرغم من إدراكهم أن إقالتها، قد تؤدي إلى إجراء انتخابات عامة، قد يفوز فيها المعارضون.

 وفي محاولة لإصلاح الأمور عيّنت تراس جريمي هانت وهو من الشخصيات القوية والمنافسة على زعامة الحزب في منصب وزير المالية، الذي سارع إلى إلغاء كل الإجراءات الضريبة التي اعتمدتها تراس، والقائمة على خفض الضرائب، اعتماداً على تمويلها من الديون، محمّلاً المسؤولية الكاملة عن هذا الترجع المذل إلى رئيسة الحكومة على أمل تهدئة الأسواق، وتجنب الفوضى، لافتاً إلى ضرورة مصارحة الشعب البريطاني بالحقيقة.

 وكشف هانت عن خطوط عريضة لمشروع موازنة للمدى المتوسط، سيعرض في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، من شأنه، بعد إدخال التعديلات اللازمة، أن يسهم في جمع نحو 32 مليار جنيه إسترليني (36 مليار دولار) سنوياً.

 على أية حال، هناك حالة من الغضب تسود أوساط حزب المحافظين، وأحاديث عن اجتماعات سرية، لإيجاد البديل الملائم قبل فوات الأوان، ومن بين النواب المحافظين هناك من يدعم وزير المالية الأسبق ريشي سوناك الذي حل ثانياً في المنافسة مع تراس، لكنه دفع ثمن ما قيل عن تسببه في إقالة جونسون، وكان سوناك حذر منافسته منذ البداية من أن خططها لخفض الضرائب، ستدفع الاقتصاد إلى السقوط الحر، متهماً إياها بتوهم “اقتصادات خيالية” بعدما وعدت بتخفيضات ضريبية غير ممولةنوعاً من المستحيلات؟

شاهد أيضاً

الخطوط الخلفية في الحرب على غزة

بقلم: جمال الكشكي – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم– في تاريخ الحروب كثيراً ما تنشط …