الرئيسية / مقالات رأي / إفريقيا كمورد غاز بديل لأوروبا

إفريقيا كمورد غاز بديل لأوروبا

بقلم: سالم سالمين النعيمي – صحيفة الاتحاد

الشرق اليوم- تكافح أوروبا أزمة طاقة وتدخل في فصل شتاء يصعب التكهن به وسط الأحداث المصاحبة، والتهديدات العالمية المتزايدة من تغير المناخ والاحتباس الحراري ومعطيات المتغيرات السياسية والاقتصادية العالمية. أوروبا في حاجة لطوق نجاة يضمن احتياجاتها من الطاقة، وبدورها تمثل احتياطيات الغاز الطبيعي الهائلة في إفريقيا ذلك الطوق. فدول شمال إفريقيا مثل الجزائر لديها خطوط أنابيب مرتبطة بالفعل بأوروبا، ولكن الافتقار إلى البنية التحتية والتحديات الأمنية أعاقا المنتجين في أجزاء أخرى من القارة لفترة طويلة من زيادة الصادرات.

ومن جهة أخرى تعد القارة الإفريقية غنية بموارد الطاقة غير المكتشفة إلاّ أن سوء الإدارة وضعف التقنيات المستخدمة تسببت في الإهدار وقلة المردود، وهو ما جذب بالفعل تدفق زيارات من قادة الدول الأوروبية وكبرى الشركات الأوروبية بجانب الأخرى المتواجدة تاريخياً هناك، وبالتالي موجة استثمارات معززة في الدول الإفريقية المنتجة في ظل الصراع على إفريقيا من قبل كل القوى العالمية، والتي من المتوقع أن تكون منطقة الصراع العالمي الأبرز في العقود القادمة، وذلك لموقعها الجغرافي ولوجود ثروات هائلة من مصادر الطاقة والمواد الخام التي تحرّك صناعة التكنولوجيا والطاقة في العالم.

فتمتلك نيجيريا على سبيل المثال، أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في إفريقيا، ولكن لا تمثل وارداتها من الغاز للاتحاد الأوروبي سوى 14% من واردات الاتحاد من الغاز الطبيعي المسال، والذي يأتي عن طريق السفن التي تواجه مخاطر القرصنة والإرهاب وسرقات الطاقة وارتفاع التكاليف، وحقيقة أنه تم استغلال أقل من 1% من احتياطاتها الهائلة من الغاز الطبيعي العام الماضي بسبب التحديات الفنية والأمنية، كما هو الحال في موزمبيق التي اكتشف فيها احتياطيات كبيرة من الغاز، ولكن مشاريع التطوير في ذلك الجانب تأخرت وتتأخر بفعل أعمال العنف من جانب المتشددين الإسلاميين والاستقرار النسبي في تلك الدول.

وأما إذا تحدثنا عن الغاز الجزائري الذي يستغل أكثر من 70% منه للاستهلاك في السوق الداخلية، فهو حتماً لن يعوض النقص في سوق القارة الأوروبية، وفي الوقت نفسه يوجد خط أنابيب للجزائر يمتد إلى إيطاليا وآخر إلى إسبانيا، حيث وقعت إيطاليا صفقة غاز بقيمة 4 مليارات دولار مع الجزائر، وتوصلت مصر بدورها إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي وإسرائيل لتعزيز مبيعات الغاز الطبيعي المسال، بينما تستخدم محطات الطاقة في مصر أكثر من 60% من استهلاك الغاز الطبيعي للحفاظ على استمرارية الخدمات والأعمال بالبلاد ، كما يذهب معظم الغاز الطبيعي المسال إلى الأسواق الآسيوية. ومن جانبها وقعت أنغولا صفقة غاز مع إيطاليا، ويدفع ارتفاع أسعار الغاز بشكل كبير الحكومات الأفريقية إلى اعتبار الرواسب الإفريقية غير المستغلة بمثابة منجم ذهب محتمل بغض النظر عن العواقب البيئية، ويرى القادة الأفارقة أن تستفيد بلدانهم من هذه المشاريع، وستمتلئ جيوب أشخاص بعينهم بالعملات الصعبة بينما نحو 600 مليون إفريقي يفتقرون إلى الكهرباء.

وتعد أفريقيا القارة الأقل تلوثاً مقابل أنها الأقل تقدماً كذلك في عملية التصنيع، والاستغلال الأمثل لمواردها المتاحة والقدرة التنافسية لاقتصادها، وقد ترتكب القارة الإفريقية هفوة مؤثرة إذا ما اختارت إعطاء الأولوية في الاستثمارات للوقود الأحفوري على حساب الطاقة المتجددة. فإفريقيا لديها القدرة على تلبية الطلب الأوروبي من الطاقة، ولكن إحصائياً الحكومات في إفريقيا تتغير بصورة موسمية، وهل أوروبا مستعدة لضخ استثمارات كبيرة في إفريقيا وهي تعاني اقتصادياً؟ وفي الوقت نفسه هناك منافسين استراتيجيين عديدين لديهم الاحتياج نفسه من القارة الإفريقية، كما تحتاج البلدان الإفريقية أيضاً إلى معالجة اختناقات البنية التحتية والإجرائية والقانونية، وزيادة القدرات الإنتاجية بمصاريف طائلة، ومعالجة الخلافات السياسية، ومد أو إعادة تشغيل خطوط الأنابيب المهمة من وسط وغرب وجنوب القارة عبر شمال إفريقيا ومنها إلى أوروبا، ويبقى سؤال من سيدفع فاتورة تأمين وحماية وصيانة تلك البنى التحتية المادية والمعنوية؟

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …