الرئيسية / مقالات رأي / الغذاء العالمي يتدهور

الغذاء العالمي يتدهور

الشرق اليوم- يتزامن الاحتفاء ب”اليوم العالمي للغذاء” هذا العام، وسط تحديات غير مسبوقة في ظل التهديدات المحدقة بالأمن الدولي من جرّاء الأزمة في أوكرانيا، وارتفاع التضخم بنسب مخيفة، وغلاء الأسعار، واضطراب أسواق الطاقة، فضلاً عن تأثيرات التغير المناخي، وما تشهده مناطق من اتساع نطاق الجفاف، وأخرى من فيضانات عارمة، مع ارتفاع ملحوظ في درجات حرارة الأرض.

الاحتفال هذا العام لن يكون مناسبة لاستعرض الإنجازات الإيجابية في هذا المجال، بقدر ما سيكون فرصة للتحذير من تدهور شديد في الأمن الغذائي، وهو ما نبه إليه برنامج الأغذية العالمي، التابع لمنظمة الأمم المتحدة بتأكيده أن العالم يواجه خطر خوض عام آخر من وصول الجوع إلى مستويات قياسية. ويبدو أن الأزمة لا تثبت على وصف محدد، ففي كل يوم هناك مؤشرات وتداعيات تطفو على السطح، تؤكد أن أزمة الغذاء العالمية تستفحل، وتزداد تعقيداً من دون أن تفرق بين دول متقدمة أو فقيرة، فها هي أوروبا، التي كانت لعقود عنوان الرفاه والازدهار، تواجه تهديدات جمّة مع تعثر سلاسل إمداد الغذاء والوقود وارتفاع الأسعار.

وتكشف السجلات الأممية أن هناك أعداداً، لم يسبق لها مثيل، من الأشخاص معرضين للمعاناة بمستويات خطرة من الجوع في آسيا وإفريقيا، ففي هذه المناطق توجد مجتمعات مهددة إن لم يكن بالجوع، فبسوء التغذية، وما قد ينجم عن ذلك من أمراض ومشكلات صحية كان الظن أن العالم تجاوزها، لكنها عادت بقوة بفعل تأثيرات جائحة “كورونا” والتدهور البيئي وتفجر الصراعات وانعدام المساواة، وصولاً إلى الحرب في أوكرانيا التي فاقمت الأوضاع، وأربكت آليات النظام الدولي.

أزمة الغذاء غير المسبوقة باتت تهدد الجميع من دون استثناء، وعلى العالم أن يفتح عينيه، ويتنبه إلى ضرورة إيجاد الحلول العاجلة والآجلة، قبل أن يخرج الوضع عن نطاق السيطرة، فالكل مسؤول وضحية في ذات الوقت. وفي هذه الحالة لا يوجد أفضل من التضامن العالمي، وعدم الاستسلام إلى اليأس. وبحسب ما تقول الأمم المتحدة، فإن كميات الغذاء كافية لسد حاجة جميع الناس في العالم، لكن عدم وجود إدارة دولية رشيدة، يحول دون تحقيق النتائج المرجوة؛ المتمثلة أساساً في تكثيف المساعدات للدول الفقيرة، ولا تقتصر المساعدات على إرسال حزم الغذاء والمواد الأساسية، وإنما بزيادة الاستثمار في مجالات الزراعة المعتمدة على التقنيات الحديثة والابتكار وتنمية الموارد، بما يمكن من التوصل إلى حلول مستدامة، تستطيع أن تحد من مخاطر المجاعات، وتوفر العيش الكريم لكل شعوب المعمورة.

نقص الغذاء أحد أهم أسباب زعزعة الاستقرار وانعدام الأمن وتفجر الصراعات، وحل هذه المشكلة، لا يكون فاعلاً ودائماً إلا بمعالجة الأزمات العالمية المختلفة. ويفترض أن تكون الوقائع والنتائج والمؤشرات حافزاً للمجتمع الدولي ليضع سياسات واستراتيجيات تأخذ هذه التحديات في الاعتبار، وتسعى إلى بناء سلام عالمي على أسس متينة، وأولها تحقيق الأمن الغذائي والعمل على تطويق بؤر التوتر وإنهاء الصراعات، وإلا فإن التدهور سيستمر إلى درجة اللاعودة، وهو ما يضع العالم كله على شفير الهاوية.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

الأردن: معركة محور التّطرف!

بقلم: محمد صلاح – النهار العربي الشرق اليوم- ليس سراً أن مصر والأردن خسرا كثيراً …