الرئيسية / مقالات رأي / الأسلحة وحدها لا تكفي

الأسلحة وحدها لا تكفي

الشرق اليوم- يُجمع معظم الخبراء العسكريين على أن إصرار الدول الغربية على تزويد أوكرانيا بأحدث ما لديها من أسلحة، ورصد أموال إضافية، لشراء المزيد من المعدات العسكرية، لهذا الغرض، وإرسال خبراء عسكريين، للتدريب وتقديم المشورة العسكرية والمشاركة في التخطيط، وتوفير دعم لوجيستي واستخباراتي، كل ذلك لن يُمكن القوات الأوكرانية من إلحاق هزيمة بالقوات الروسية، كما يعتقد بعض القادة في الغرب.

صحيح أن القوات الأوكرانية حققت بعض النجاحات والاختراقات على الجبهة الشرقية، بفضل الأسلحة الغربية المتطورة، مثل صواريخ “هيمارس” و”جافلين” و”ناسامس”، وأنظمة مدفعية وذخيرة وعربات مصفحة ودبابات، إلى درجة أن مخازن أسلحة الدول الغربية، تكاد تصبح فارغة، إلا أن المراهنة على أن يمكّن ذلك الجيش الأوكراني من تحقيق الانتصار على الجيش الروسي، يبدو أقرب إلى الوهم، نظراً إلى الفارق الكبير بين عديد وعدة الجيشين.

في كل الحروب لا تأخذ المعارك مساراً واحداً، خصوصاً إذا كان أكثر من طرف يشارك فيها؛ حيث يتخللها تراجع وثغرات، نتيجة ظروف المعارك اليومية، ما يقتضي إعادة النظر في الخطط، وتبديل القيادات والتشكيلات العسكرية، وإعادة الانتشار، بما يتلاءم مع المستجدات.

المؤرخ العسكري ميشال غوبا يرى في مدونة بعنوان “مسار السيف” أنه بعد استغلال الثغرات الروسية، “استعاد الجيش الروسي زمام المبادرة”، وتوقع أن تأخذ الجبهة الشرقية “شكل معركة حاسمة، ستمتص الجهود في الأسابيع المقبلة”، أما الجنرال كريستوف غومار القائد السابق في القوات الخاصة الفرنسية، فيرى أن المعارك “تتحول إلى حرب استنزاف”.

لقد وافق الكونغرس الأمريكي، مؤخراً، على تقديم حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا بقيمة 12.3 مليار دولار، منها معدات عسكرية بقيمة 3.7 مليار دولار، وبذلك وصلت قيمة المساعدات العسكرية الأمريكية إلى كييف إلى 65 مليار دولار منذ بدء الحرب في فبراير/ شباط الماضي، عدا المساعدات الغربية التي تقدر بعشرات المليارات. كل هذه المساعدات هدفها إطالة أمد الحرب، وتمكين الجيش الأوكراني من الصمود، وإلحاق الهزيمة بالجيش الروسي، كمقدمة لإحداث خلل في الجبهة الداخلية الروسية، وإضعاف النظام الروسي، لعل ذلك يطيح الرئيس فلاديمير بوتين.

لكن هل يمكن لهذه الأهداف أن تتحقق، ويتم التخلص من روسيا وطموحاتها في تغيير النظام الدولي الحالي، وبقاء الولايات المتحدة كقوة وحيدة مهيمنة على هذا النظام؟

صحيح أن الولايات المتحدة تستخدم أوكرانيا “كبش فداء” في حربها، لإنهاك روسيا من دون أن تخسر شيئاً إلا مليارات الدولارات والأسلحة، لكنها في المقابل تغامر بما بقي لها من دور وريادة إذا حقق الجيش الروسي أهدافه باستكمال وضع اليد على مجمل إقليم دونباس، وبذلك فإن النظام الدولي الجديد الذي تدعو إليه روسيا والصين سيصبح قيد التحقق.

في النهاية، سيدفع الشعب الأوكراني الثمن غالياً، بشرياً ومادياً، طالما أن الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى هي التي تقود الحرب، وتسّد كل أبواب المفاوضات، لتحقيق هدف من الصعب أن يتحقق، بمزيد من ضخ السلاح والأموال فقط.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …