الرئيسية / مقالات رأي / صواريخ كوريا الشمالية المستفزة

صواريخ كوريا الشمالية المستفزة

بقلم: مفتاح شعيب – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- معظم الأخبار التي تأتي من كوريا الشمالية لا تحمل شيئاً غير تجارب الصواريخ أو التجهيز لتفجير قنبلة نووية، وكأن لا شيء في هذا البلد يشير إلى حياة غير الاستعداد الدائم للحرب والمواجهة، لكن الإطلاق الصاروخي الأخير الذي عبر مسافة طويلة، وأثار فزع اليابان، ودفع كوريا الجنوبية إلى التهديد برد حازم، والولايات المتحدة إلى الاستنفار، جاء في توقيت حرج إقليمياً ودولياً لن يتحمل أي هامش للخطأ أو الاستفزاز.

السياق العام الذي جرت فيه هذه التجرية، غير المسبوقة منذ خمس سنوات، تزامن مع استضافة سيؤول مناورات متعددة الجنسيات، تشمل مشاركة القوات البحرية من 10 دول، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا، وتهدف إلى استكشاف بيئة الحرب في شبه الجزيرة الكورية، فضلاً عن توطيد الأمن البحري في تلك المنطقة، التي تتهيأ منذ سنوات إلى صراع قاسٍ بين القوى المتنافرة. ففي الفترة الأخيرة أصبحت الخطابات بين الأطراف ذات الصلة شديدة العدائية، وزادتها حدة حالة الانقسام الكبيرة في العالم بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، واتساع الشرخ بين روسيا والقوى الغربية. وفي غياب مؤشرات التهدئة، تتوالى نذر المكروه في كل مكان، وقد تكون منطقة شرقي آسيا، مرة أخرى، مرشحة لتصعيد كبير قد يؤدي إلى اندلاع حرب واسعة النطاق إذا تغلبت نوازع التهور على أصوات الحكمة.

رداً على التجربة الصاروخية الكورية الشمالية، قالت الولايات المتحدة: إنها تتشاور مع اليابان وكوريا الجنوبية لبلورة “رد دولي وقوي”، ربما يتجاوز الإدانة والتنديد إلى التحرك العسكري المباشر، على الرغم من المخاطر الجمة التي قد تنجم عن أي سوء في التقدير. يضاف إلى ذلك أن العالم يعيش مرحلة رمادية قد تسمح لأي “دخيل” أن يفتعل مشكلة قد تتطور إلى حرب، مثلما حدث مؤخراً في التفجيرات التي أصابت شبكة “نورد ستريم” الناقلة للغاز الروسي في بحر البلطيق. فذاك السيناريو يمكن أن يتكرر في مكان آخر، ويحقق هدفه بتفجير أزمة دولية أكبر من الصراع الدائر في أوكرانيا.

الانتباه إلى ما يجري في شبه الجزيرة الكورية، لا يجب أن يصرف النظر عن التوتر المستمر بين الصين وتايوان، والاستفزازات الأمريكية والغربية هناك، كما لا يمكن الاعتقاد بعدم وجود ترابط بين المشكلتين؛ بل ربما تخدم إحداهما الأخرى، فهما تتواجدان في نفس المجال الجغرافي، كما أنهما تستقطبان نفس القوى المتصارعة تقريباً. أما النظرة الشاملة إلى العالم وصولاً إلى أوكرانيا، فتؤكد أن كل الأزمات مترابطة، وتتجه إلى أن تكون جميعها في سلة واحدة. والأسوأ أن تصبح كلها جبهات في حرب واحدة، وهذه الفرضية تبقى بعيدة الوقوع، لكنها أمر ممكن في هذا العالم الذي ينقسم على نفسه ويتحول إلى جبهات وأحلاف.

صاروخ كوريا الشمالية الأسرع من الصوت 17 مرة، الذي طار فوق اليابان وحلق لمسافة 4500 كيلومتر، قد يأخذ التوتر إلى مدى أبعد مما وصلت إليه التجارب السابقة. وفي ظل الظروف الدولية الراهنة من المستبعد أن تحدث “معجزة” لإنهاء التوتر في شبه الجزيرة الكورية، طالما الأزمات الأخرى تتجه بدورها إلى مزيد من التصعيد، وليس التهدئة.

شاهد أيضاً

أيهما أخطر؟

بقلم: محمد الرميحي – النهار العربي الشرق اليوم- جاء الزمن الصعب لنسأل أنفسنا: أيهما الأكثر …