الرئيسية / مقالات رأي / لماذا يكثر الكلام عن النّووي الرّوسي؟

لماذا يكثر الكلام عن النّووي الرّوسي؟

بقلم: سميح صعب – النهار العربي

الشرق اليوم- منذ أشهر والمسؤولون الروس، من الرئيس فلاديمير بوتين ونزولاً، يكررون الإشارة إلى “العقيدة النووية الروسية” كسلاح ردع، في مواجهة احتمالات الهزيمة الساحقة في أوكرانيا، ومن خلفها القوى الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة.

الوقائع الميدانية والتطورات السياسية المتسارعة في أوكرانيا، لا يظهر أنها تصب في مصلحة روسيا، بينما بوتين يندفع إلى الأمام ويقرر بعد “استفتاءات” في أربع مناطق أوكرانية، هي لوغانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون، ضم هذه المناطق إلى التراب الروسي.

والسؤال الذي يحيّر المسؤولين الغربيين الآن: هل سيعتبر بوتين أن استمرار الهجوم الأوكراني المضاد الذي يطاول المناطق الأربع، بمثابة هجوم على روسيا نفسها، ما يمكن وضعه تالياً في خانة “التهديد الوجودي” للدولة الروسية بحسب العقيدة النووية الروسية، وتالياً يصير اللجوء إلى السلاح النووي عملاً مشروعاً من وجهة نظر الساسة الروس؟   

الإجابة ليست سهلة، في ظل نزاع ليس من المبالغة القول إنه بات في مرتبة الصراع الوجودي بالنسبة إلى روسيا. وليس ثمة حاجة إلى تنكّب عناء التفكير كثيراً لمن يقرأ خطاب الضم لبوتين في الكرملين الجمعة، حتى يتبين أن الغرب صار “عدواً” لروسيا، وغابت عبارات كان يستخدمها السياسيون الروس مثل “زملائنا أو شركائنا الغربيين”.

هناك حديث الآن عن عدو صريح وعن حرب قد يتسع نطاقها الجغرافي – تفجيرات البلطيق ليست حدثاً عابراً – وقد تستمر لسنوات، وقد تصل إلى حدود اللجوء إلى السلاح النووي، الذي لم يعد يقلق الغربيين فقط بل بعض الداخل الروسي.  

ولم تتوانَ افتتاحية صحيفة “نيزافيسمايا غازيتا” الروسية الرئيسية عن توجيه انتقادات حادة “للمسؤولين الروس البارزين”، الذين يطلقون “تهديدات نووية”. وكتبت “من غير المعقول اليوم… أن يبدأ مسؤولون روس بارزون الحديث عن الزر النووي… إنهم يفعلون ذلك من دون أدنى تفكير… حتى إنهم يتناسون إصدار إيضاحات من المهم جداً أن يستمع إليها العالم. وطبعاً يجب ألا نسمح بحصول ذلك، تحت أي ظرف من الظروف. إن السماح، بالتفكير والتصريح، باحتمال نشوب نزاع نووي هو خطوة نحو جعل الأمر حقيقة”.

بكلام آخر، هناك خوف يتملك العالم من أن تكون كثرة الحديث عن السلاح النووي، وكأن المقصود بها جعل الإقدام على مثل هذه الخطوة احتمالاً واقعياً، بعدما كان من غير المسموح أن يشطح الخيال إلى حد تصور أن زعيماً ما، قد يكون راغباً في يوم من الأيام في الضغط على الزر النووي.

سؤال آخر يتداعى: هل كان المقصود في الكثير مما احتواه الخطاب من تعبئة للمشاعر القومية ومن تحديد “للعدو”، هو خلق الظروف المناسبة أو تهيئة المناخات الداخلية في روسيا للإقدام على استعمال السلاح النووي، بهدف التقليل من الخسائر الجسيمة التي تلحق بالجيش الروسي على الجبهات الأوكرانية؟ هذا يعيد إلى الأذهان لجوء أميركا إلى السلاح الذري ضد اليابان على رغم أنها كانت تربح في الميدان، لكن الهدف كان إنهاء الحرب بسرعة وعدم تكبد المزيد من الخسائر.   

لكن ماذا لو رد حلف شمال الأطلسي وثلاث من دوله مسلحة نووياً، بضربة مماثلة على الضربة الروسية، سواء كانت تكتيكية أم أكبر حجماً؟ ألا يشكل ذلك بداية الشتاء النووي والوصول إلى “يوم القيامة” وإفناء التاريخ البشري؟

وبأريحية، يمكن القول إن الحرب الأوكرانية وضعت العالم على الحافة النووية، إذا لم يتدارك القادة في نهاية المطاف أن إنقاذ البشرية وليس إنقاذ أوكرانيا أو روسيا فحسب، بات يتطلب الدخول في حوار أميركي – روسي مباشر من أجل تفادي الذهاب إلى الأسوأ، وإلى الدمار الشامل الذي سيكون متبادلاً، لأن الجميع يدرك أن لا منتصر في حرب كهذه.

ينقل السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنطونوف عن توقعات لجامعة برنستون الأمريكية، أن ملايين الأمريكيين والروس سيتبددون في الساعات الأولى من تبادل الضربات النووية!!!

شاهد أيضاً

أميركا إذ تتنكّر لتاريخها كرمى لعينيّ نتنياهو

بقلم: راغب جابر- النهار العربيالشرق اليوم– فيما تحارب إسرائيل على أكثر من جبهة، تزداد يوماً …