الرئيسية / الرئيسية / Foreign Policy: لماذا تموت حركة عدم الانحياز ولن تعود؟

Foreign Policy: لماذا تموت حركة عدم الانحياز ولن تعود؟

بقلم: سي راجا موهان

الشرق اليوم- إن حركة عدم الانحياز باتت في عداد الأموات، ولن تعود إلى الوجود مرة أخرى، فإن أيديولوجية عدم الانحياز “قديمة” وهي تطل برأسها، إلا أنها لا تقدم سوى النذر اليسير، مثلما رفضت معظم دول أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية، من قبل، الاصطفاف خلف الغرب في غمرة مواجهتها المتزايدة مع روسيا والصين، فإن فكرة عودة هذه المناطق إلى سياسة عدم الانحياز أثارت القلق بالعواصم الغربية.

ولا تزال قضية عدم الانحياز محور جدل في الغرب لم يفارقه شبح الحرب الباردة عندما كان عدم الانحياز فكرة مرادفة للعداء مع الدول الغربية.

وبالنسبة للدول النامية، كان الهدف من بناء نظام “غير غربي أو ما بعد غربي” جزءا من أيديولوجية عدم الانحياز منذ بداياتها في حقبة القضاء على الاستعمار، فأصبح “سرابا باقيا لكنه مراوغ”.

“وبنظرة فاحصة ستجد أن أيديولوجية عدم الانحياز قد ماتت منذ أمد بعيد”، وعلى الرغم من أن هذه الحركة ربما لم تُدفن بالكامل، فإنها لا تشكل تهديدا كبيرا للغرب، ولا تقدم الكثير لإنقاذ الشرق.

ويمكن القول: إن “عدم الانحياز” لم تكن يوما “مفهوما متماسكا” بل اشتملت على حزمة من الأفكار المتباينة حول الانخراط في عالم ما بعد الاستعمار.

وكانت إحدى تلك الأفكار تقوم على أن الابتعاد، عن القوى العظمى والكتل المنافسة لها، أمر حيوي لحرية الحركة والعمل.

الحياد والواقع

على أن الأمر لم يستغرق وقتا طويلا حتى اصطدمت فكرة الحياد مع الواقع، فقد تخلى عنها زعماء من أمثال رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو عقب اندلاع الحرب الصينية الهندية عام 1962.

وأوائل سبعينيات القرن الماضي، هجر الرئيس المصري أنور السادات -الذي كان بلده من مؤسسي حركة عدم الانحياز- الاتحاد السوفياتي إلى الولايات المتحدة.

أجبرت التحديات الأمنية الداخلية والخارجية معظم الدول -التي تحررت من ربقة الاستعمار- على الاصطفاف مع قوة عظمى واحدة أو أخرى، مع مواصلة تظاهرها بعدم الانحياز.

ثمة عنصر آخر لعدم الانحياز كان أيديولوجيا صرفا، تمثل في التحول من مناهضة الاستعمار إلى معاداة الغرب. فكان أن استغل الاتحاد السوفياتي والصين هذا الاستياء من الغرب، وعملا معا على تقديم دعم اقتصادي وسياسي للدول المستقلة حديثا.

وتمثل العنصر الثالث لعدم الانحياز في فكرة تأسيس حركة من شأنها أن تقلب نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، وتبني نظاما جديدا “أكثر عدلا وإنصافا”.

إن هزيمة الولايات المتحدة في حرب فيتنام، ونمو الحركات الاحتجاجية بالغرب، ونجاح منظمة أوبك في رفع أسعار النفط بشكل كبير، وسقوط الغرب في براثن أزمة اقتصادية، وحدوث أزمة عامة للرأسمالية، وخطاب حركة عدم الانحياز الواسع النطاق “بشأن نظام اقتصادي دولي جديد” كلها كانت عوامل ولَّدت في مجملها “إحساسا بالنشوة” بعالم يمر بمرحلة انتقالية سريعة.

ويمكن إيعاز ما يسمى “زوال” حركة عدم الانحياز إلى ممارسات اقتصادية بسيطة. فالقادة “البراغماتيون” بدول الجنوب وجدوا في النموذج السوفياتي أوجه قصور، فتحول العديد منهم ثمانينيات القرن الماضي إلى الرأسمالية الغربية ونظام مؤسساتها العالمية المتعلق بالتنمية.

كما اتضح لهم أن الاشتراكية كانت في أزمة عميقة، وأن الرأسمالية تتمتع بقدر كبير من المرونة. وبحلول الوقت الذي انهار فيه الاتحاد السوفيتي عام 1991، كان الكثير من العالم النامي قد انضم بالفعل إلى “إجماع واشنطن” بشأن التنمية الاقتصادية.

وإجماع واشنطن ‏-حسب تعريف موسوعة ويكيبيديا الإلكترونية- هو مسودة طرحها الاقتصادي البريطاني جون وليامسون عام 1989 لتكون علاجا ووصفا من 10 بنود للدول الفاشلة التي واجهت صعوبات مالية وإدارية واقتصادية، وكيفية تنويع اقتصادها وإدارة مواردها الطبيعية، بالإضافة إلى دعوته البنك وصندوق النقد الدوليين لتبني هذه البنود.

وكان من الممكن أن تكون هذه نهاية قصة عدم الانحياز. لكن بذور اللامبالاة التي يعيشها العالم النامي اليوم تجاه الحرب الروسية في أوكرانيا زُرعت في حقبة ما بعد الحرب الباردة.

وبعد هزيمة الاتحاد السوفياتي، رأى الغرب “القانع” بأنه لم يعد بحاجة كبيرة إلى بناء علاقات جيدة مع النخب الحاكمة جنوب الكرة الأرضية.

وانعكست “الغطرسة الجديدة” كذلك في السياسات التي حولت الترويج للديمقراطية وإعادة هندسة المجتمعات بالدول النامية، حيث قامت حكومات العالم الغني ومؤسساته، والمنظمات غير الحكومية الناشطة، بتغطية جنوب العالم بمعونات ضخمة مشروطة.

بعد أن أهمل الغرب المشاركة السياسية مع دول الجنوب وتنازله عن كثير من المجالات الاقتصادية للصين في سعيها لتحقيق العولمة ، فهو بحاجة الآن إلى العمل الجاد كي يستعيد دعمه لتلك الدول.

شاهد أيضاً

إيران أكبر عدو لنفسها

بقلم: طارق الحميد- الشرق الأوسطالشرق اليوم– ارتكب النظام الإيراني برده الهزلي على إسرائيل خطأ استراتيجياً …