الرئيسية / مقالات رأي / فيضانات باكستان.. ومتضررو “الكوارث المناخية”

فيضانات باكستان.. ومتضررو “الكوارث المناخية”

بقلم: شانون أوساكا – صحيفة الاتحاد

الشرق اليوم- منذ منتصف يونيو، غيرت الأمطار الغزيرة المشهد في باكستان، إذ أغرقت القرى والحقول، ودمرت المنازل وقتلت ما لا يقل عن 1000 شخص. ولكن إذا كانت الخسائر البشرية كارثية، فإن الخسائر المالية لا يمكن تصورها تقريباً: وفقاً لوزير المالية الباكستاني، فإنه من المرجح أن يتجاوز الضرر حتى الآن 10 مليارات دولار، أو 4% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي للبلاد.

وفي يوم الثلاثاء الماضي، وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش نداء عبر الفيديو لمساعدة باكستان، قائلاً: “دعونا نتوقف عن غض الطرف عن التدمير الذي يحدث لكوكبنا بسبب تغير المناخ”. وقال جوتيريش: “يواجه الشعب الباكستاني رياحاً موسمية بدرجة خطيرة، مما يحدث تأثيراً لا هوادة فيه لمستويات هطول الأمطار والفيضانات.

وبينما نستمر في رؤية المزيد والمزيد من الظواهر المناخية المتطرفة في جميع أنحاء العالم، فمن المشين عدم إعطاء أولوية للعمل المناخي، حيث إن انبعاثات غازات الدفيئة العالمية آخذة في الارتفاع، مما يعرضنا جميعاً – في كل مكان – لخطر متزايد”.

ولكن حتى مع لجوء باكستان إلى المانحين في جميع أنحاء العالم لطلب المساعدة، هناك شيء واحد يكاد يكون من المؤكد أن الدولة لن تحصل عليه: تعويض من الدول – بما في ذلك الولايات المتحدة – المسؤولة عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض. بينما يبدو أنه لا يوجد ترابط بين المسألتين، فقد طلبت البلدان النامية على مدى عقود من الدول الأكثر ثراءً توفير التمويل للتكاليف التي تواجهها جراء موجات الحرارة والفيضانات والجفاف وارتفاع مستوى سطح البحر والكوارث الأخرى المرتبطة بالمناخ.

وهم يجادلون بأن الدول التي أصبحت غنية بسبب حرق الوقود الأحفوري مثل الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة واليابان أدت أيضا إلى زيادة حرارة كوكب الأرض، مما تسبب في “خسائر وأضرار” في البلدان الفقيرة.

أصبحت القضية نقطة توتر في مفاوضات المناخ العالمية. في اتفاقية باريس التاريخية لعام 2015 بشأن تغير المناخ، وافقت البلدان على الاعتراف و”معالجة” الخسائر والأضرار التي تسببها تلك التأثيرات المناخية الخطيرة. وفي العام الماضي، في مؤتمر المناخ الرئيسي للأمم المتحدة في جلاسكو، اسكتلندا، كان المفاوضون من الدول النامية يأملون في أن ينشئ المفاوضون أخيراً مؤسسة رسمية لتحويل الأموال إلى البلدان الأكثر تضرراً من الكوارث المناخية. لكن على الرغم من كونها أكبر مصدر تاريخي لثاني أكسيد الكربون، أعاقت الولايات المتحدة مثل هذه الجهود في كل منعطف.

وفي جلاسكو، انضمت إدارة بايدن إلى مجموعة من الدول في مقاومة الجهود الرامية إلى إنشاء آلية خاصة بمدفوعات للدول النامية التي تضررت بشدة من تغير المناخ. تُعد المسؤولية واحدة من القضايا الرئيسية، إذ يخشى المندوبون الأمريكيون من أنه إذا تم إنشاء صندوق رسمي للخسائر والأضرار، فقد تصبح الولايات المتحدة عرضة للتقاضي من الدول الفقيرة. وقال جون إف كيري، المبعوث الأمريكي الدولي للمناخ، خلال قمة جلاسكو: “دائماً ما نتفكر بعمق بشأن قضية المسؤولية”.

تشير بريتي بهانداري، كبيرة مستشاري المناخ والتمويل في “معهد الموارد العالمية”، إلى أن مفاوضي الأمم المتحدة توصلوا إلى اتفاق جانبي في عام 2015 والذي يقضي بأن معالجة الخسائر والأضرار لا توفر أي أساس للمسؤولية القانونية.

وقالت: “أعتقد أنه من المحتمل أن يكون هناك الكثير من الحذر من جانب الولايات المتحدة ودول متقدمة أخرى”. لكن مع تزايد الأضرار، بدأ البعض بالفعل في رفع دعوى قضائية، حيث يسعى المواطنون والسياسيون من الدول الضعيفة إلى الحصول على تعويض عن خسارة سبل عيشهم أو منازلهم أو مزارعهم. في بيرو، على سبيل المثال، يقاضي أحد المزارعين شركة ألمانية عملاقة للطاقة، في غضون ذلك، تحاول الدول الجزرية إنشاء لجنة تسمح لها بمقاضاة الدول الكبرى على الأضرار المناخية.

وجادل كيري أيضاً بأن هناك قنوات موجودة للمساعدة في توفير الإغاثة لدول مثل باكستان التي تعاني من كوارث الطقس. على سبيل المثال، تقدم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية 100.000 دولار كمساعدات إنسانية في باكستان. لكن مثل هذه التبرعات تتضاءل بالمقارنة مع الخسائر المتزايدة لتغير المناخ في العالم النامي. كما وجد تقرير صادر عن منظمة أوكسفام الإنسانية في يونيو أنه على مدى السنوات الخمس الماضية لم يتم تمويل سوى 54% من المناشدات للإغاثة من الطقس القاسي، مما تسبب في نقص عشرات المليارات من الدولارات.

وتتطلب الأنظمة الحالية أيضاً من الدول النامية الاعتماد على الأعمال الخيرية، بدلاً من نظام موحد يتعلق بمن يدين بماذا. ستضطر الولايات المتحدة والدول المتقدمة الأخرى إلى التفكير في هذا السؤال في اجتماع الأمم المتحدة الكبير المقبل للمناخ، والمعروف باسم COP27، والمقرر عقده في نوفمبر في مصر. ولكن ما لم يتغير منظور إدارة بايدن، فمن غير المرجح إحراز تقدم كبير.

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …