الرئيسية / مقالات رأي / مضيق الأزمات

مضيق الأزمات

الشرق اليوم– ليست المرة الأولى التي تتفجر فيها أزمة مضيق تايوان، فهذه هي المرة الثالثة التي يشهد فيها المضيق أزمة قد تتحول إلى مواجهة عسكرية هذه المرة وتكون الولايات المتحدة طرفاً فيها على ضوء تصاعد التوتر حول جزيرة تايوان ودخولها مرحلة جديدة من التصعيد بعد خطوات أمريكية اعتبرتها الصين استفزازاً لها، وتمثلت بإعلان الرئيس الأمريكي جون بايدن، استعداد الولايات المتحدة للدفاع عن تايوان إذا حاولت الصين ضمها بالقوة، متخلياً بذلك عن “الغموض الاستراتيجي” المتعلق بالسياسة الأمريكية تجاه تايوان، ثم قيام رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بزيارة تايبيه، وإعلان الإدارة الأمريكية عزمها بيع تايوان أسلحة بقيمة 100 مليون دولار لمساعدتها على تعزيز أنظمة دفاعها الصاروخي، الأمر الذي أثار حفيظة بكين التي أعربت عن قلقها لمثل هذه الخطوة. ثم جاء عبور المدمرتين الأمريكيتين “أنتينام” و”يوأس أس تشانسيلورسفيل” لمضيق تايوان مؤخراً ليصب الزيت على النار؛ حيث أعلنت بكين أنها تراقب تقدم السفينتين، وهي “على أهبة الاستعداد وجاهزة لإلحاق الهزيمة بأية عملية استفزازية”، باعتبار أن جزيرة تايوان هي جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية.

كانت أزمة مماثلة نشبت في أغسطس/آب 1954 عندما أرسلت قوات تشيانغ كاي تشيك القومية آلاف الجنود إلى جزيرتي كينمين وماتسو الصغيرتين على بعد عدة كيلومترات من البر الصيني؛ حيث قامت حكومة ماوتسي تونغ بقصف الجزيرتين لعدة أشهر، ثم اندلعت الأزمة الثانية عام 1958، عندما قامت القوات الصينية بقصف الجزيرتين مجدداً، وتواصل القصف بشكل متقطع حتى عام 1979، أي بعد إقامة علاقات دبلوماسية بين واشنطن وبكين، واعتراف الولايات المتحدة ب”صين واحدة”، وسحب اعترافها بتايوان.

لكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة لم تقطع علاقاتها بتايوان تماماً، وحافظت على علاقات اقتصادية وسياسية غير رسمية، ما أبقى الخلاف الأمريكي – الصيني قائماً، ومع ذلك تمكن البلدان من إدارة خلافهما بشكل حافظ على علاقات معقولة بينهما، إلى أن جاءت إدارة دونالد ترامب التي أطلقت خلافات سياسية واقتصادية مع الصين، على خلفية تنامي قدراتها الاقتصادية والتقنية والعسكرية التي رأت واشنطن أنها باتت تشكل خطراً استراتيجياً على موقعها ودورها المهيمن على النظام الدولي، في حين كانت الصين تكتفي بالرد على العقوبات ضدها، في محاولة منها لاحتواء التصعيد الأمريكي.

لكن مع اندلاع الحرب الأوكرانية واتخاذ بكين موقفاً يميل إلى الموقف الروسي، عمدت الولايات المتحدة إلى تصعيد حملتها على بكين مستثمرة في ذلك القضية التايوانية، تماماً كما استثمرت أوكرانيا في صراعها مع روسيا، الأمر الذي اعتبرته بكين استفزازاً مقصوداً لها، وخصوصاً بعد زيارة بيلوسي لتايبيه؛ حيث عمدت بكين إلى القيام بأوسع مناورات عسكرية بحرية وجوية وبالذخيرة الحية حول تايوان لتأكيد عزمها استعادة الجزيرة.. وأزمة مضيق تايوان الحالية هي جزء من الأزمة الأم المتمثلة في استرداد تايوان.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

بأية حال تعود الانتخابات في أمريكا!

بقلم: سمير التقي – النهار العربي الشرق اليوم- كل ثلاثة او أربعة عقود، وفي سياق …