الرئيسية / مقالات رأي / حوار السودان المتعثر

حوار السودان المتعثر

الشرق اليوم– يطرح استمرار الأزمة التي تواجه الحوار بين القوى السودانية لإنهاء حالة الجمود الحالي، تحديات متعددة إزاء مستقبل الاستقرار في هذا البلد العربي الذي يشهد حالة انسداد سياسي يضاعف من الضغوط الكبيرة التي تثقل كاهل مواطنيه، وتستبطن في جوفها مخاطر حقيقية.

ومنذ أن أسقطت ثورة ديسمبر الشعبية النظام “الإخواني” الذي جثم على صدور السودانيين أكثر من عقدين من الزمان، لا يزال القادة والزعماء في السودان يبحثون في صيغ توافقية لفترة انتقالية تعالج قضايا الاقتصاد المتعثر، وتضع الأساسات المتينة لتعزيز سيادة القانون، وإنصاف ضحايا الصراعات، وترتب الأوضاع الدستورية للانتقال الديمقراطي الآمن عبر انتخابات شاملة وشفافة، وتشكيل حكومة وبرلمان منتخبين.

وفي أعقاب فترة انتقالية متعثرة انتهت بإجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول التي أعلنها الجيش، أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان في يوليو/ تموز الماضي، انسحاب الجيش من المفاوضات السياسية لإفساح المجال أمام القوى المدنية لتتوافق على حكومة انتقالية جديدة، بعدها يُحل مجلس السيادة، ويُشكل مجلس للأمن والدفاع بصلاحيات سيادية واسعة.

وظهرت العديد من مبادرات الحوار الوطنية في أعقاب قرارات يوليو الأخيرة، وفشل معظمها في استقطاب التأييد الضروري، إما بسبب افتقارها للحياد، وإما لغياب الرؤية الصحيحة للأزمة وتعقيداتها، الظاهرة والباطنة. وبقيت ثلاث محاولات متنافسة تطرح أفكاراً لتشكيل حكومة، إحداها يقودها تحالف الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، والثانية تتشاور بشأنها مجموعة التوافق الوطني، والثالثة أوصى بها مؤتمر المائدة المستديرة الذي نظمته مبادرة “نداء أهل السودان”.

ويعتقد العديد من المراقبين أن أحد العوامل التي تضع قيوداً على انطلاق العملية السياسية يتمثل في اتفاق جوبا الذي تم توقيعه في 2020، بهدف وقف الحرب في إقليم دارفور، ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. وكان الاتفاق جزئياً، وقعت عليه بعض الحركات المسلحة وحققت عبره مكاسب كبيرة، بينما رفضته حركات أخرى هامة ومؤثرة. وواجه الاتفاق رفضاً واسعاً من أقاليم سودانية عدة، وانطلقت بسببه تهديدات بالانفصال، كما أنه فشل في وقف موجات الاقتتال العشائري في ولايات دارفور والنيل الأزرق، والتي تسببت بسقوط مئات القتلى والجرحى، وتشريد آلاف السكان.

الحوار فكرة صائبة ووسيلة آمنة لتحقيق السلام وردّ المظالم وتسوية النزاعات الصعبة وشديدة التعقيد. ويتعين على القادة والزعماء المنخرطين في العملية السياسية لتحقيق الاستقرار والازدهار لشعوبهم، التحلي بروح المسؤولية والواقعية والمرونة والخيال من أجل التوصل إلى حلول حقيقية للمشكلات الماثلة، كما أن الأولوية الملحة أمام قادة الأحزاب والكيانات السياسية في السودان العمل على استعادة الثقة وتعزيزها لتمهيد طريق الخروج من نفق الأزمة.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

عند الأفق المسدود في غزة

بقلم: عبدالله السناوي – صحيفة الخليج الشرق اليوم- استغلقت حرب غزة على أي أفق سياسي …