الرئيسية / مقالات رأي / غموض في سريلانكا

غموض في سريلانكا

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- فرّ رئيس سريلانكا غوتابايا راجابكسا إلى خارج البلاد تحت ضغط شعبي، وموجة احتجاجات عارمة على الفساد، وسوء الإدارة المستمرة منذ أشهر، لكن المشاكل السياسية والاقتصادية والمعيشية، التي أدت إلى انهيار البلاد لم ترحل معه، وبقيت سريلانكا أسيرة حالة من الفوضى والغموض من دون معرفة كيف ستستقر الأوضاع في البلاد.

 كان راجابسكا قد تعهد بالاستقالة عندما اجتاحت جموع الغضب قصره الرئاسي، لكنه لم يفعل ذلك قبل فراره، ربما لأنه كان يريد الاستفادة من الحصانة التي يتمتع بها، لتأمين عملية الفرار، لكن فراره من دون تأمين انتقال سلس للسلطة، قد يطرح الكثير من الأسئلة حول جدية هذه الاستقالة. كما أن رئيس وزرائه رانيل ويكرمسينغ الذي يشرف على انتقال السلطة، كما يبدو، تعهد بالاستقالة فور اقتحام مقره، فيما أعلن رئيس البرلمان أنه سيتم انتخاب رئيس جديد للبلاد في العشرين من يوليو/ تموز الحالي، غير أن ذلك لا يشكل ضمانة حقيقية، لحدوث التغيير المنتظر؛ إذ بالتزامن مع فرار راجابكسا كان رئيس الوزراء يعلن فرض حالة الطوارىء، وحظر التجوال في البلاد، ما يضفي مزيداً من الغموض على كيفية سير الأحداث، في وقت كانت الأحزاب السياسية وقوى المعارضة، تؤكد جاهزيتها لتشكيل حكومة وحدة وطنية.

 أياً تكن الأمور، وحتى لو سارت عملية تنظيم انتقال السلطات المؤقتة ريثما يتم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية جديدة، فإن حل المشاكل التي تعانيها البلاد ليس في متناول اليد، بعد أن أصبحت على شفا انهيار تام، ونفد مخزون الغذاء والوقود، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء، وشلل في المواصلات، ولم يعد بوسع الموظفين الذهاب إلى مراكز أعمالهم. ناهيك عن عدم وجود مقومات لدى الدولة، لتسديد ديونها الخارجية التي تجاوزت الخمسين مليار دولار.

 هناك مفاوضات مع البنك الدولي، للحصول على مساعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وقد تستكمل في حال تشكيل حكومة مستقرة، لكن ذلك لن يحل المشكلة نهائياً، وستبقى البلاد بحاجة إلى مساعدات إضافية لفترة طويلة.

 إنها «ثورة الجياع» إذاً، فعندما تنهار الأوضاع إلى حد عدم الحصول على لقمة العيش، من الطبيعي أن يعم الغضب، ويخرج الناس إلى الشوارع، من دون أي اعتبارات أخرى، فالرئيس راجابكسا كان يعد بطلاً قومياً حينما تمكن من القضاء على تمرد «التاميل»، لكن ذلك لم يشفع له حينما تعلق الأمر بفساد نظامه، وسوء إدارة حكمه، وبالتالي فإن من المرجح أن تستمر «ثورة الجياع» حتى إحداث التغيير المطلوب، وتأمين سلطة قادرة على إخراج البلاد من أزماتها المستعصية.

 وبعيداً عن محاولات إقحام روسيا في الأزمة، والإيحاء بأن ما يحدث في سريلانكا ناجم عن تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، لا بد من القول:إن بوادر الانهيار الاقتصادي والمالي والاحتجاجات التي عمت سريلانكا، كانت أسبق بكثير من أزمة أوكرانيا.

شاهد أيضاً

إسرائيل تختار الصفقة بدلاً من الرد الاستعراضي

بقلم: علي حمادة – صحيفة النهار العربي الشرق اليوم– تجنبت ايران رداً إسرائيلياً استعراضياً يفرغ …