الرئيسية / مقالات رأي / أوكرانيا والخيار النووي

أوكرانيا والخيار النووي

الشرق اليوم- أن تتحدث ماريا زاخاروفا، الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، لأول مرة، عن احتمال استخدام السلاح النووي في مجرى الحرب الأوكرانية، فهذا يعني أن الأوضاع تتدحرج بشكل خطر، وتأخذ مساراً قد يكون خارج السيطرة، هو أقرب إلى حالة الجنون؛ لأن ذلك يعني كارثة عالمية بكل معنى الكلمة.

 قيل، خلال الأشهر الأخيرة، الكثير من الكلام حول احتمال استخدام الأسلحة النووية، لكن سرعان ما تم نفيه. الصحف الأمريكية أشارت، خلال شهر مايو/ أيار الماضي، إلى أن روسيا قد تستخدم أسلحة نووية تكتيكية ضد أوكرانيا، لكن زاخاروفا نفت يومها هذه الأنباء، ووصفتها ب«المزاعم»، وقالت: إن روسيا «لم تهدد أحداً باستخدام الأسلحة النووية، بل على العكس تحذر جميع الأطراف من مثل هذه الخطوات غير المسؤولة طوال الوقت، لكن ذلك لا يناسب واشنطن».

 ما الذي استجد حتى تعلن زاخاروفا أن الولايات المتحدة وحلفاءها «يتأرجحون على نحو خطر على شفا صراع مسلح مع روسيا سيكون محفوفاً بتصعيد نووي؟». هل دخلت الحرب الأوكرانية مرحلة مفصلية باتت فيها المواجهة بين روسيا والدول الغربية حتمية؟، أم أن روسيا أرادت إطلاق مثل هذا التحذير، لمنع دول حلف «الناتو» من المضي بعيداً في تصعيد الحرب، من خلال إرسال المزيد من العتاد المتطور إلى أوكرانيا، أم أن هذا التصريح هو رد على مواقف لقادة غربيين سياسيين وعسكريين، تدعو لهزيمة روسيا في أوكرانيا، من خلال تذكير هؤلاء بأن روسيا دولة نووية لن تسمح لأحد بهزيمتها؟ وهو ما أشار إليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً بقوله «إذا كانت الدول الغربية تريد هزيمة روسيا ما عليها إلا أن تجرب».

 الحديث عن تصعيد نووي قد يكون لكل هذه الأسباب مجتمعة، لكنه يحمل في طياته احتمال اللجوء إلى هذا السلاح في حال خرجت الأمور عن السيطرة، أو نتيجة خطأ في الحسابات والتقدير، أو لأي سبب آخر، وهو ما يعني أن تداعيات هذا الخطر سوف تتجاوز أوكرانيا وروسيا والقارة الأوروبية؛ إذ إن مصير العالم بأسره سيكون مرهوناً بآلاف الرؤوس النووية التي ستحول الكرة الأرضية إلى جحيم ينصهر فيه البشر والحجر وكل ما حققته البشرية من حضارة.

هل وصل قادة العالم الذين يمتلكون الأزرار النووية إلى هذه المرحلة من الجنون، وهم يدركون المآل الذي ينتظر الكرة الأرضية؟

 لا شك أن العقل والحكمة سوف يسودان في نهاية الأمر، وسوف يدرك الجميع أنه لا مناص من الحوار وصولاً إلى تسويات تُرضي كل الأطراف وتنقذ البشرية، وأن هناك قواعد يمكن اللجوء إليها من خلال تفعيل اتفاقات، للحد من الأسلحة النووية، وعدم استخدامها. وقد تم تجريب هذه الاتفاقات في مراحل سابقة، ونجحت في المحافظة على الأمن والسلم الدوليين.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …