الرئيسية / مقالات رأي / المصالحةُ الليبية.. ودورُ المجلس الرئاسي

المصالحةُ الليبية.. ودورُ المجلس الرئاسي

بقلم: د.وحيد عبدالمجيد – صحيفة الاتحاد

الشرق اليوم- اختار المجلس الرئاسي في ليبيا أن ينأى بنفسه عن الخلافات والصراعات التي تسود الساحة السياسية.

وبمقدار ما أتاح له هذا الموقف من قبول لدى مختلف الأطراف بدرجات مختلفة، أدى إلى تقزيم دوره الذي صار رمزياً في المهمة الأساسية المُسنَدة إليه في وثيقة المرحلة الانتقالية التي أُقرَّت في يناير 2021، وهي إطلاق مسار المصالحة الوطنية.

وقد بقيت هذه المصالحة بعيدةَ المنال، لأسبابٍ داخلية وخارجية، إلى أن تحرك المجلسُ الرئاسيُ أخيراً، وأعلن مشروعاً لها.

وأن تأتي متأخراً لهو خيرُ من ألاَّ تأتي، حتى إذا كان هذا الإعلان جاء بُعيد انتهاء أجل خريطة الطريق، وعدم تقديم الأمم المتحدة تصوراً لما بعدها، واكتفاء خمس دول كبرى بإصدار بيان في 25 يونيو جددت فيه الدعوةَ إلى إجراء انتخابات وإقامة حكومة موحَّدة.

فقد عادت ليبيا فعلياً إلى حالة التنازع المؤسسي لإصرار حكومة الدبيبة التي انتهت مدتها، مع انقضاء أجل هذه الخريطة، على الاستمرار لتصبح سلطة أمرٍ واقع بلا أساسٍ قانوني، في الوقت الذي أعطى مجلس النواب المُنتخب الثقة لحكومةٍ تهدف إلى تحقيق الاستمرار برئاسة فتحي باشاغا.

ولهذا ربما يساعدُ تحرك المجلس الرئاسي في السعي إلى الحد من الاستقطاب والتوتر اللذين يزداد خطرهما الآن. ورغم أن المشروعَ الذي أُعلن في مؤتمرٍ موسع يوم 23 يونيو المنصرم يتسمُ بالعمومية، فهو يبدو مدروساً في بنوده الخمسة، وهي أسانيد المقترح، وجذور الصراع، والرؤية والأهداف، وإنهاء الصراع، وخطة العمل، وكذلك في المبادئ الحاكمة له (وهي الشمول والاستدامة، وسيادة القانون، والمواطنة المتساوية، والصالح العام، والمراكمة والإدماج).

لكن ينقصه مبدآن مهمان، هما احترام التوافقات التي تمت بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وأهمها تشكيل حكومة الاستقرار، ووحدة المؤسسة العسكرية، حيث لا يستقيم الحال في أي بلدٍ إلا إذا كان فيه جيش وطني واحد يحتكر استخدامَ السلاح.

فإطلاق مسار المصالحة الوطنية يتطلّب الحفاظَ على ما أمكن التوافق عليه في الفترة الماضية، سواء بين المجلسين، أو في إطار مجموعة 5+5. غير أن العمل الجاد من أجل مصالحةٍ وطنيةٍ يتطلب أمرين، أولهما تحديد كيفية إنجاز المهمة الأصعب، وهي تفكيك الميليشيات التابعة لمختلف الأطراف.

والثاني البناءُ على ما أُنجز في ملف مشروع الدستور، وحسم ما بقى من خلافٍ بعد اللقاء الذي جمع رئيسي مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» برعاية الأمم المتحدة في جنيف الأسبوع الماضي، وتقديم صياغات موضوعية للبنود القليلة الباقية اعتماداً على القواعد المعمول بها في دول العالم، وخاصةً في ما يتعلق بعدم استبعاد أي مواطن من الترشح لرئاسة الجمهورية إلا في حال ارتكابه جريمةً مخلةً بالشرف على سبيل الحصر.

ولعل تحرك المجلس الرئاسي في هذا الاتجاه يساعد، إذا كان جاداً، في تجنب تكرار سيناريو استمرار حكومة فايز السراج لخمس سنوات كاملة بعد انتهاء مدتها، بكل ما ترتب عليه من أضرارٍ ما زالت آثارُها السلبيةُ واضحةً في طرابلس وغرب البلاد.

شاهد أيضاً

هل تنجح طهران خارج محور المقاومة؟

بقلم: عادل بن حمزة- النهار العربيالشرق اليوم– دخلت منطقة الشرق الأوسط فصلاً جديداً من التصعيد …