الرئيسية / مقالات رأي / ليبيا.. تعقد المسارات والخيارات

ليبيا.. تعقد المسارات والخيارات

بقلم: د.طارق فهمي – صحيفة الاتحاد

الشرق اليوم- مع تزامن التحركات الراهنة للميليشيات المسلحة في طرابلس مع دعوة المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس مجلس الدولة خالد المشري للتوافق لتجاوز نقاط عالقة وخلافات، أدت إلى فشل محادثات المسار الدستوري بين الطرفين وعدم الاتفاق على القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة، تكون التطورات الليبية قد دخلت مساحة جديدة من التحديات أهمها استمرار التصعيد العسكري للميليشيات التابعة لأسامة الجويلي، المدير السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية، ومخططها الجاري لدخول طرابلس.

وقد جاء ذلك التطور المهم بعد توعد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، بمواجهة أي تحركات عسكرية للجويلي، بعدما أقاله من منصبه، وطالب المجلس الرئاسي بعزله عن منصبه كقائد للمنطقة العسكرية الغربية فيما أعلنت اللجنة المشتركة أنها أحرزت الكثير من التوافق على المواد الخلافية في مسودة الدستور الليبي، وإن ظلت بعض الخلافات قائمة بشأن التدابير المنظمة للمرحلة الانتقالية المؤدية إلى الانتخابات، واستمرار الأمم المتحدة ملتزمة بدعمها لجميع الجهود الليبية لإنهاء المراحل الانتقالية المطولة، وانعدام الاستقرار، مع العمل على تلبية تطلعات ما يقارب 3 ملايين ليبي سجلوا للتصويت للانتخابات.

معلوم أن الخلافات تركزت بين وفدي مجلسي النواب والدولة حول قضية السماح للعسكريين، ومزدوجي الجنسية من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، في محاولة لمنع ترشح المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، وقد دعت الأمم المتحدة القادة الليبيين إلى الامتناع عن استخدام تاريخ 22 يونيو كأداة للتلاعب السياسي، في إشارة إلى موعد انتهاء المرحلة الانتقالية، الذي حدده ملتقى الحوار الوطني الليبي في جنيف، وقد تزامن ذلك مع إعلان اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية في ليبيا، عن بدء إجرائها داخل 12 بلدية في شهر يوليو المقبل، وأنها عملت على إنجاز هذا الاستحقاق منذ بداية العام الجاري بوضع خطة، لا سيما مع إنشاء بلديات جديدة، وما ترتب على ذلك من إجراءات فصل وتسمية مراكز انتخابية جديدة.

تطور لافت ومهم أيضاً ارتبط بإعلان اللواء خالد المحجوب، مسؤول التوجيه المعنوي بالجيش الوطني، عن الاجتماع المشترك، الذي عُقد في القاهرة بين الفريق عبد الرازق الناظوري رئيس أركان الجيش، ومحمد الحداد رئيس أركان القوات الموالية لحكومة الدبيبة، بحضور اللجنة العسكرية المشتركة “5 +5″، والذي خلص لضرورة إجلاء جميع القوات الأجنبية والمرتزقة، والعمل على زرع الثقة، الذي تعوّل على انعدامها أطراف مختلفة يهمها استمرار حالة عدم الاستقرار وضرورة توحيد المؤسسة العسكرية، وإخراج المرتزقة، ودمج المجموعات المسلحة حسب رغبتهم في مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والمدنية، من أجل قيام دولة مدنية لا يُقصى فيها أحد.

وسياسياً ما زال فتحي باشاغا، يؤكد أن حكومته جاءت نتاج اتفاق مجلسي النواب والدولة، وفقاً للاتفاق السياسي الليبي، وأنها اعتمدت ميزانيتها من مجلس النواب، وستعمل على إنهاء الانقسام السياسي الذي طال مؤسسات الدولة. وتعهد باشاغا باتخاذ حكومته كل الخطوات لدعم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وفقاً لخريطة الطريق، كما شدد على دعمه المسار الدستوري مع إعلانه عن تفاصيل خريطة الطريق نحو التعافي، التي تحدد أولويات حكومته، التي ستضمن للشعب الليبي أمنه والحق في اختيار مصيره، وتعبيد الطريق نحو الازدهار الاقتصادي. مطالباً جميع القادة حول العالم الذين يؤمنون بالديمقراطية العمل معاً لإيجاد حل للتحديات التي تواجه ليبيا.

في المجمل يمكن التأكيد إذن على ‌استمرار الزخم الداخلي، والخارجي المرتبط بالتطورات الليبية داخلياً وخارجياً في محاولة للتوصل إلى ترتيبات جديدة للمرحلة القادمة، خاصةً في ظل انتهاء مدة خريطة الطريق التي أفرزت حكومة الوحدة الوطنية المقالة، ومواصلة الجهود الأممية للتوصل إلى توافقات بين مجلسي النواب والدولة يمكن البناء عليها في صياغة توافقات داخلية تحسم الصراعات السياسية الراهنة وإمكانية تشكيل إطار سياسي جديدة توكل إليه صلاحيات خاصة لإدارة المشهد خلال المرحلة القادمة، على غرار ملتقى الحوار الوطني السابق. وفي جميع الأحوال، ربما تسعى الولايات المتحدة، ومن ورائها لتجنب اندلاع مواجهات مسلحة في غرب ليبيا، أو محاولة تكرار عملية دخول طرابلس من قبل باشاغا الأمر الذي سيقوض كثيرا النفوذ الغربي مقابل الحضور الروسي.

شاهد أيضاً

إسرائيل تختار الصفقة بدلاً من الرد الاستعراضي

بقلم: علي حمادة – صحيفة النهار العربي الشرق اليوم– تجنبت ايران رداً إسرائيلياً استعراضياً يفرغ …