الرئيسية / مقالات رأي / السودان وإثيوبيا وحسـن الجـوار

السودان وإثيوبيا وحسـن الجـوار

الشرق اليوم- صحيح أن هناك خلافات بين السودان وإثيوبيا حول العديد من القضايا مثل مياه نهر النيل والحدود، وأن العلاقات بينهما شهدت خلال السنوات الماضية بعض التوتر والاشتباكات، لكن ما يجمع البلدين الكثير من القواسم المشتركة، خصوصاً أنهما بلدان جاران، تؤلف بينهما الجغرافيا والتاريخ ونهر النيل، وهي عوامل تفرض حسن الجوار، وليس الفرقة والصراع، والسعي المتواصل للبحث عما هو مشترك والبناء عليه في إقامة علاقات وطيدة بما فيه مصلحة البلدين والشعبين.

 لا شك أن هناك جهات إقليمية ودولية ومحلية تعمل من أجل توسيع رقعة الخلافات وإحداث شرخ في العلاقات بهدف إضعاف البلدين وتمرير أجندات خفية.

 كانت العلاقات بين البلدين شهدت خلال السنوات القليلة الماضية توتراً ملحوظاً حول سد النهضة، كما الحال بين مصر وإثيوبيا، بعدما شعرت الخرطوم والقاهرة أن بناء السد وتعبئته يأخذ من حصتيهما، ويؤثر في مشاريعهما الزراعية وعلى التغذية الكهربائية، كما شهدت الحدود السودانية – الإثيوبية سلسلة من الاشتباكات في منطقة الفشقة، اشتدت حدتها أواخر عام 2020 بعد اندلاع حرب بين أديس أبابا وجبهة تحرير تيغراي، أدت إلى وقوع خسائر بشرية بين الجانبين، ثم تجددت هذه الاشتباكات مؤخراً في المنطقة إياها؛ حيث اتهمت الخرطوم الجيش الإثيوبي بإعدام سبعة جنود سودانيين ومدني كانوا أسروا داخل الأراضي السودانية، وهوما نفته أديس أبابا.

 أدى ذلك إلى مخاوف وقلق من مواجهات عسكرية في أي وقت قد تكون تداعياتها كارثية على البلدين، ما دعا الاتحاد الإفريقي إلى التدخل، مطالباً أديس أبابا والخرطوم “بضبط النفس والامتناع عن أي عمل عسكري مهما كان مصدره وإلى الحوار لحل أي خلاف”.

 هذه الدعوة لقيت استجابة فورية من رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد الذي وجه بيان تهدئة أكد فيه “أن السودانيين والإثيوبيين أخوة”، واعترف في بيانه المكتوب باللغة العربية بوجود مشاكل فعلية بين البلدين، “لكن المطلوب هو التكاتف والتعاون لحل المعضلات”، وأشار إلى أن هناك “من يسعون إلى إحداث اقتتال بين شعبي البلدين.. لكنهم لن ينجحوا في ذلك”. ودعا أبي أحمد إلى “السيطرة على الأعصاب وضبط النفس من أجل صيانة المصالح المشتركة”. مؤكداً ضرورة “عدم قيام عداوات بيننا؛ بل يجب أن نكون شركاء في التنمية وأن ننهض معاً”.

 في مثل هذه الظروف، ووسط ما يواجهه العالم من أزمات مستفحلة أمنية وسياسية واقتصادية، وصراعات تهدد البشرية، يبقى صوت العقل هو وحده القادر على لجم الخلافات والانفعالات وضبط أي خطوة قد تفجر أوضاعاً قابلة للاشتعال في أي وقت. وما قام به رئيس الوزراء الإثيوبي يعتبر نموذجاً في العلاقات بين الدول المجاورة.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …