الرئيسية / مقالات رأي / TRENDS: أيّ مستقبل ينتظر الليبيون؟

TRENDS: أيّ مستقبل ينتظر الليبيون؟

الشرق اليوم- بُعيد فترة قصيرة جداً من التفاؤل، أعقبت انتخاب البرلمان الليبي لحكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا في مارس المنصرم، ولجت ليبيا في أزمة سياسية جديدة، أو فيما نفضل وصفه بـ”متاهة سياسية جديدة”، تتحسس فيها مسارات الخروج، ويجذبها كل طرف من فرقائها السياسيين إلى مسارٍ دون غيره. فما هي مسارات الخروج المتاحة أمام ليبيا؟ وأيُّ من هذه المسارات يقود إلى المستقبل الأقرب للتحقق؟

وأيها يمثل السيناريو المستقبلي المفضل لليبيين بعد أكثر من عقدٍ من الصراع السياسي، والحرب الأهلية، والتدخلات الأجنبية التي تُذكي الصراع وتُسعر الحرب؟ المسار الأول هو مسار القاهرة، حيث يجتمع ممثلون عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في جولة ثالثة من المحادثات الهادفة إلى وضع إطار دستوري تمهيداً لإجراء انتخاباتٍ رئاسية وتشريعية على أساسه.

وقد بدأت هذه المحادثات في أبريل الماضي، وتستمر حتى 19 يونيو الجاري. وقد تم التوافق بين الفريقين، اللذين يحظيان بتأييد الحكومتين المتصارعتين في شرقي ليبيا وغربيّها، على أكثر من 70% من مسودة الدستور المقترح، بما في ذلك المواد المتعلقة بالحقوق والحريات، وتتبقى المواد الخاصة بالسلطتين التشريعية والقضائية.

وتلتئم محادثات القاهرة برعاية الأمم المتحدة، وبدعم مصري وإقليمي، ما يعطي مسار القاهرة حظوظاً أوفر في التحقق. والأهم من ذلك أن هذا المسار تدعمه إرادة شعبية ليبية لإنهاء عقد من العنف، والحؤول دون كوابيس القتال الداخلي في البلد الممزق من أن تصبح واقعاً.

بيد أنّ المشكلة الكبرى التي تواجه مسار القاهرة تتصل بمن سيُدير المرحلة الانتقالية الجديدة لحين انتخاب رئيس وبرلمان جديدين: هل هي الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة أم الحكومة الجديدة برئاسة باشاغا؟ المسار الثاني هو مسار سياسات القوة، حيث تعمد الحكومتان المتصارعتان إلى تعزيز تحالفاتهما في الداخل والخارج، استعداداً لـ”جولة الحسم”.

وقد بدأت إرهاصات هذا المسار مبكراً بالمصادمات العسكرية في طرابلس بين قوات تابعة لحكومة باشاغا وميليشيات تابعة لحكومة الدبيبة في 10 يونيو الجاري. وبرغم أن التوازن العسكري الراهن ليس في مصلحة الأخيرة، فإن هذا هو نفس المسار الذي سلكته الأطراف الليبية المتناحرة في الفترة (2014-2020) من دون أن يسفر عن أية نتيجة لمصلحة هذا الطرف أو ذاك.

وأخيراً، ثمة مسار يجري الترتيب له على قدم وساق، بين أطراف داخلية وداعميها من القوى الكبرى، وهو السيناريو الفيدرالي، حيث تقسيم البلاد والعباد إلى ثلاثة أقاليم مستقلة، هي برقة وطرابلس وفزان، مع إعطاء الأخير اختصاصات أوسع في إدارة شؤونه الداخلية والخارجية.

وهذا السيناريو، على جاذبيته، يعني بكل بساطة انقسام ليبيا إلى دويلات ثلاث متناحرة، بفعل الخبرة التاريخية السلبية والصراعات القبلية والمصالح الأجنبية، وأن عقوداً من نضال الليبين للحفاظ على وحدة بلادهم تذهب مع الريح.

وفي الأخير، وبرغم العقبة الكأداء التي تواجه مسار القاهرة، فالأمل معقود على أن يدفع التوافق على سائر مواد مسودة الدستور حكومتي الشرق والغرب على التوافق بدورهما على إدارة المرحلة الانتقالية الجديدة، والخروج من المتاهة السياسية!

شاهد أيضاً

عند الأفق المسدود في غزة

بقلم: عبدالله السناوي – صحيفة الخليج الشرق اليوم- استغلقت حرب غزة على أي أفق سياسي …