الرئيسية / مقالات رأي / العالم لا تنقصه أزمات

العالم لا تنقصه أزمات

الشرق اليوم- فيما تتواصل الحرب في أوكرانيا من دون معرفة مداها الزمني والجغرافي، بدأت الحالة التايوانية تشهد هي الأخرى تصعيداً يشي بأن شيئاً ما يتم إعداده لإشعال فتيلها، وخلق بؤرة صراع في شرق آسيا، ربما يكون بهدف قطع الطريق على محاولات قيام نظام دولي جديد بديلاً عن النظام الحالي الذي تأسس على أنقاض انهيار الاتحاد السوفييتي في مطلع تسعينات القرن الماضي.

 لم يخطئ وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، مهندس العلاقات الأمريكية الصينية الذي فتح بزيارته السرية إلى بكين عام 1970 الباب أمام علاقات طبيعية بين البلدين، عندما قال في حديث نشرته صحيفة صنداي تايمز مؤخراً إن الصين خصم قوي، ويجب أن يكون هناك حد أدنى من الالتزام المشترك لمنع حدوث تصادم لا مفر منه.

 أي أن كيسنجر لا يستبعد الصدام، بمعنى أن على الولايات المتحدة ضبط النفس، وعدم الذهاب بعيداً في المواجهة، معترفاً بأن الهيمنة على العالم ليست مفهوماً صينياً، فبكين لا تملك إرثاً استعمارياً ولا تبني علاقاتها مع دول العالم من منطلق سياسي بأبعاد الهيمنة. صحيح أن لها مصالح، وهي قوية اقتصادياً وعسكرياً وتقنياً لكنها تعمل في إطار شراكات ومشاريع تنموية عالمية مثل الحزام والطريق وبنك الاستثمار الآسيوي.

 وخلال الأسبوع الماضي برزت عدة مؤشرات تدل على أن الوضع في شرق آسيا ليس مستقراً، وأن الأزمة التايوانية تأخذ منحى تصعيدياً بأبعاد عسكرية، عندما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال جولته التي شملت كوريا الجنوبية واليابان، أن الولايات المتحدة سوف تدافع عن تايوان إذا تعرضت لهجوم صيني بهدف إعادة توحيدها، ما أثار غضب بكين التي اعتبرت أن هذه التصريحات تصب الزيت على النار، ثم ما حصل خلال اجتماع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن مع نظيره الصيني وي فنغ خه على هامش قمة أمنية في سنغافورة، حيث تبادلا التحذيرات، إذ اعتبر أوستن المناورات الصينية قرب تايوان استفزازية وتزعزع الاستقرار، فيما رد نظيره الصيني بأن فصل تايوان عن الصين لن يترك أمام الجيش الصيني أي خيار سوى «القتال بأي ثمن وسحق أية محاولة لاستقلال تايوان، وحماية السيادة الوطنية للصين وسلامة أراضيها».

 العلاقات بين الولايات المتحدة وخصومها، خصوصاً مع روسيا والصين، تنتقل من مبدأ المنافسة إلى مبدأ الصراع المفتوح على كل الاحتمالات مع كل ما يمثله ذلك من خطر حقيقي على الأمن والسلام الدوليين، خصوصاً إذا ما خرج الوضع عن السيطرة، الأمر الذي يستدعي العودة إلى الحوار العاقل بعيداً عن التحديات وعقلية الحرب والهيمنة التي تسيطر على البعض.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …