الرئيسية / مقالات رأي / بانتظار الجولة الثانية

بانتظار الجولة الثانية

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – لم تحسم الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية التي جرت الأحد الماضي ما كان يتمناه الرئيس إيمانويل ماكرون من أغلبية برلمانية تمكنه من تنفيذ برنامجه الإصلاحي الذي وعد به في حملته الرئاسية. ولا هي حسمت مصير حكومته، فقد جاءت النتائج متساوية بين حزب النهضة الرئاسي و«الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد» بزعامة جان لوك ميلانشون (25.7 في المئة لكل منهما)، وهي نتيجة تؤشر إلى أن الرئيس الفرنسي قد يجد صعوبة في الحصول على الأغلبية النسبية، أي 289 مقعداً من أصل 577 مقعداً، بانتظار الجولة الثانية التي تجري يوم الأحد المقبل.

إذا تمكن اليسار من الفوز، فإن ماكرون سيجد نفسه مضطراً للتعايش مع حكومة يسيطر عليها اليسار بقيادة ميلانشون. وقد سبق للرئيس السابق جاك شيراك أن تعايش قبل عقدين مع رئيس الوزراء الاشتراكي ليونيل جوسبان.

ما أثّر كثيراً في هذه النتائج هو نسبة الامتناع عن التصويت التي بلغت لأول مرة في تاريخ فرنسا 52.8 في المئة، وهذا يظهر أن الفرنسيين، خصوصاً الشباب، غير مقتنعين ببرنامج تحالف ماكرون، الأمر الذي صب في مصلحة تحالف اليسار. هذا ما عكسته الصحف الفرنسية في افتتاحياتها أمس. فصحيفة لوبينيون كان عنوانها الرئيسي «خطر الأغلبية النسبية بات يتهدد ماكرون»، فيما وصفت صحيفة لوفيغارو النتائج بأنها نكسة لرئيس الجمهورية، وقالت.. ماكرون يتجه لأغلبية ضيقة. وفي افتتاحيتها كتب إليكسيس بريزيه «إنه يوم حزين»، وحمّل ماكرون مسؤولية تخدير حملته الانتخابية.

هناك إجماع فرنسي على أنه لم يسبق لأي تحالف رئاسي أن حصل على نتيجة بهذا الضعف، وقد عبّرت صحيفة لومانتيه، الناطقة باسم الحزب الشيوعي حليف ميلانشون عن سعادتها بهذه النتيجة، واعتبرت أنه يمكن لليسار أن يفخر من الآن بتكريس نفسه حزب المعارضة الأول، وهذا بالفعل ما تحقق حتى الآن، إذ إن اليسار أثبت أنه قادر على أن يشكل فارقاً في الحياة السياسية الفرنسية.

إن حجم عدم المشاركة في الانتخابات لا ينم عن عدم اهتمام الفرنسيين بالسياسة، أو بالأوضاع الاقتصادية الراهنة، بل هو دليل على امتعاض من تجاهل مشاكلهم وأولوياتهم مثل مسألة الغلاء والتضخم والتقاعد والمعاشات، وهي قضايا أشعلت الشارع الفرنسي طويلاً من خلال تظاهرات «السترات الصفر». وقد أكدت النتائج أن الفرنسيين اختاروا برنامجاً اقتصادياً مغايراً لبرنامج ماكرون، وربما لسياسته الأوروبية.

بعض استطلاعات الرأي تعطي اليسار فرصة صغيرة للفوز بالأغلبية، لكن من المبكر الجزم بذلك، فهناك متسع من الوقت، أي أسبوع كي يتمكن المعسكر الرئاسي من تصويب المسار الانتخابي لمصلحته.

في كل الأحوال، تواجه فرنسا تعديلاً في مزاج الناخب، قد يترجم في صناديق الاقتراع يوم الأحد المقبل على صورة «تسونامي» إذا فاز تحالف اليسار.

شاهد أيضاً

إيران وإسرائيل… الحرب والحديث المرجّم

بقلم عبد الله العتيبي – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم- ضعف أميركا – سياسياً لا …