الرئيسية / مقالات رأي / التحديات الجديدة

التحديات الجديدة

بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم

الشرق اليوم – أثار قرار الرئيس التونسي قيس سعيد بعزل 57 قاضيًا انتقادات واسعة داخل الساحة التونسية، بما فيها بين أطراف كانت مؤيدة له، كالاتحاد التونسي للشغل وبعض القوى السياسية الأخرى.

ورغم أن كثيرًا من التعيينات القضائية تمت عن طريق نظام المحاصصة الحزبي، بقيادة حركة النهضة، بما يعني أن مطلب إصلاح السلطة القضائية مشروع، ولكنه يجب أن يتم من خلال السلطة القضائية وليس عبر قرارات فصل يصدرها رأس السلطة التنفيذية، وكنتاج لإجراءات إصلاحية شاملة تتعلق بوضع معايير جديدة: قانونية ومهنية لاختيار القضاة، ثم يأتي خيار الاستبعاد لمَن يثبت فساده أو عدم انطباق المعايير المهنية عليه.

والحقيقة أن التحديات التي واجهتها تونس بدأت في أعقاب ثورتها في 2010، وشهدت سيطرة لحركة النهضة وحلفائها على المسار السياسي، وكانت نتيجتها شديدة السلبية على التجربة الديمقراطية الوليدة، ثم عادت وأخذت شكلًا جديدًا مع قرارات الرئيس قيس سعيد الاستثنائية العام الماضي، والتي أثارت جدلًا واسعًا داخل تونس وخارجها، وبمقتضاها جمّد عمل البرلمان ثم حله، وأعلن عن البدء في حوار وطني لإجراء تعديلات على الدستور التونسي، لم يشارك فيه جميع الأطراف السياسية.

والحقيقة أنه لا يمكن فصل المرحلتين عن بعضهما البعض، فلولا أداء «النهضة» وحلفائها لمَا أقدم الرئيس سعيد على القرارات الاستثنائية و«غير الديمقراطية»، حتى لو حمّل البعض مسؤولية أكبر لطرف على حساب آخر.

والمؤكد أن الدعم الذي ناله الرئيس سعيد العام الماضي من الشعب والرأي العام وقطاع من النخب السياسية كان كبيرًا، إلا أنه تراجع في الأشهر الأخيرة بعد سلسلة من القرارات التي كانت محل خلاف، كما أن الأوصاف التي يطلقها على بعض المعارضين وطريقته في الخطابة والتلقين خصمت من رصيده الشعبي، خاصة في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية.

ومع ذلك فإن هذه التحديات والأزمات الكبيرة التي تواجهها تونس ظلت أيضًا تُواجَه بسمتين إيجابيتين، أولاهما تنوع نخبتها وسلمية أدائها، وتعدد الفاعلين السياسيين والنقابيين، فيكفى أن هناك منظمة مدنية عملاقة مثل الاتحاد التونسي للشغل لديها هذا الهامش من حرية الحركة تجاه سلطة رئيس الجمهورية، فأيدته في كثير من قراراته وعارضته في بعضها، وهو مشهد لا يمكن مقارنته بوضع اتحادات نقابات العمال في كثير من البلاد العربية.

كما أن تونس لم تشهد ثانيًا إغلاقًا كاملًا للمجال العام، ولا تزال أمامها فرصة بناء عملية انتقال ديمقراطي ودولة قانون، وهو لن يتحقق إلا بانتقال البلاد من نظام شبه برلماني «برأسين» تتنازع فيه السلطات وتغيب عنه القدرة على الإنجاز والبناء إلى نظام رئاسي ديمقراطي يعمل.

ستحسم الأسابيع القادمة مستقبل تونس، فإما أن يجري الاستفتاء في موعده في 25 يوليو المقبل وتنتقل البلاد إلى النظام الرئاسي الديمقراطي، أو تعود إلى مربع الأزمة، وربما بشكل أشد مما كان.

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …