الرئيسية / مقالات رأي / أردوغان… هل يتخطى أميركا وروسيا؟

أردوغان… هل يتخطى أميركا وروسيا؟

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي

الشرق اليوم – هل تنتقل تركيا إلى الهجوم فعلاً في سوريا وتشن ثالث عملياتها العسكرية في هذا البلد منذ عام 2015؟ وهل الرئيس رجب طيب أردوغان في موقع يؤهله لتجاوز الاعتراضات الأميركية والروسية على توسيع السيطرة التركية لتشمل مدينتي تل رفعت ومنبج في ريف حلب؟

هذان السؤالان مطروحان بقوة في ضوء ما يمكن أن يسفر عنه الهجوم التركي الجديد من تداعيات على الوضع السوري بكامله وليس على منطقة بعينها.

“المنطقة الآمنة” التي يقول أردوغان أنه يسعى إلى إقامتها بعمق 30 كيلومتراً في الشمال السوري، تنتشر فيها “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد) التي تشكل “وحدات حماية الشعب” الكردية عمودها الفقري، فضلاً عن انتشارين محدودين للقوات الأميركية والروسية وحضور رمزي للجيش السوري.

يقول أردوغان إنه يسعى وراء “وحدات حماية الشعب” الكردية التي يعتبرها النسخة السورية لـ”حزب العمال الكردستاني” الذي يقاتل من أجل الحكم الذاتي في جنوب شرقي تركيا منذ الثمانينات من القرن الماضي ومصنف على لوائح الإرهاب في تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقبل أسابيع شن الجيش التركي عملية عسكرية واسعة في شمال العراق أطلق عليها الاسم الرمزي “قفل المخلب” لمطاردة مقاتلي “حزب العمال الكردستاني” في المنطقة.

وأتى إعلانه عن العملية العسكرية الجديدة في سوريا، وكأنها بمثابة إمتداد لعملية “قفل المخلب”، فضلاً عما كان أعلنه أردوغان قبل فترة من عزمه على إعادة مليون لاجئ سوري من تركيا إلى الأراضي السورية وإعادة توطينهم في مساكن تنوي الحكومة التركية تشييدها في المنطقة.

بيد أن أن المنطقة التي سيتوسع فيها أردوغان يوجد فيها جنود أميركيون وروس وسوريون، أضفت تعقيداً جديداً على وضع معقد في الأصل. وحملت واشنطن على التحذير من المس بحلفائها في “قسد” الذين خاضوا معها القتال ضد تنظيم “داعش”. ولا تريد الولايات المتحدة أن تظهر في هذه الأيام بالذات بأن لا مانع لديها من التخلي عن حلفائها كما سبق أن فعلت في أفغانستان. وتزداد المحاذير أيضاً مع وقوف أميركا إلى جانب أوكرانيا في حربها مع روسيا.

ويخشى المسؤولون الأميركيون أن يؤدي الهجوم التركي إلى إتاحة الفرصة أمام الجهاديين كي يعيدوا تجميع صفوفهم وشن هجمات جديدة في المنطقة، خصوصاً أن المقاتلين الأكراد في حال تفرغوا لمواجهة الجيش التركي، فإن قبضتهم ستضعف في مناطق سيطرتهم، وتالياً سيجد الجهاديون أن فرصتهم قد حانت مجدداً.

أما المعارضة الروسية للهجوم، فإنها تنطلق من قواعد مغايرة لتلك التي تتحكم بالرفض الأميركي. فموسكو التي تقيم علاقات جيدة جداً مع أنقرة، وتسيّر دوريات مشتركة مع الجيش التركي في محيط منبج وتل رفعت، لا تريد أن يفرض التوسع التركي معادلة ميدانية جديدة، تفاقم من احتمالات أن يستعيد الجيش السوري هذه المنطقة في يوم من الأيام.

لكن في الوقت نفسه روسيا عاتبة على الأكراد الذين لم يتجاوبوا مع دعواتها المتكررة إلى الانفتاح على دمشق، مع أن الروس يدركون جيداً أن الأكراد لا يستطيعون أن يتجاوزوا الموقف الأميركي والذهاب إلى المصالحة مع الحكومة السورية.

هذا التشابك الميداني في المصالح فوق الأرض السورية، يجعل الخطوة التركية المقبلة محكومة بأكثر من عامل، خصوصاً العامل الداخلي الذي يضغط على أردوغان في قضية اللاجئين السوريين. ولا يريد الرئيس التركي إتاحة المجال أمام المعارضة كي تستغل هذه الورقة ضده في الانتخابات الرئاسية بعد عام من الآن، لا سيما في وقت يسجل الاقتصاد التركي تراجعاً ملحوظاً.

وتبقى الإجابة ليست أمراً سهلاً، عما إذا كان أردوغان سيجازف بإثارة إستياء أميركا وروسيا ويمضي في العملية العسكرية التي تقول واشنطن بوضوح إنها ستزيد “من زعزعة الاستقرار” في منطقة لا تعرف الاستقرار أصلاً منذ أكثر من عقد.

شاهد أيضاً

هل تنجح طهران خارج محور المقاومة؟

بقلم: عادل بن حمزة- النهار العربيالشرق اليوم– دخلت منطقة الشرق الأوسط فصلاً جديداً من التصعيد …