الرئيسية / مقالات رأي / شبه الجزيرة الكورية… على فوهة بركان

شبه الجزيرة الكورية… على فوهة بركان

بقلم: سميح صعب – النهار العربي

الشرق اليوم – يرتفع منسوب التوتر في شبه الجزيرة الكورية على وقع التجارب الصاروخية الباليستية التي تجريها كوريا الشمالية، والردود عليها من كوريا الجنوبية وحليفتها الولايات المتحدة، حتى لتبدو المنطقة وكأنها تندفع بسرعة نحو الانفجار، لا سيما مع ترقب إقدام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون، على إجراء تجربة نووية جديدة.     

وعلى رغم أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تكرر عروض الحوار على بيونغ يانغ، فإنها في الوقت نفسه بدأت تنهج نهجاً يستشف منه المزج بين الدبلوماسية والعقوبات وتوجيه رسائل الردع، على غرار إطلاق صواريخ في مقابل آخر دفعة من الصواريخ الكورية الشمالية قبل أيام، فضلاً عن عرض القوة في الجو أيضاً، عندما حلقت 20 طائرة أميركية وكورية جنوبية في وقت سابق هذا الأسبوع فوق المياه المحيطة بشبه الجزيرة الكورية.

هذا السياق من الرد الأميركي المتصاعد، يفترض أن يكون هناك رد أيضاً على التجربة النووية المحتملة. ومن المرجح أن يأتي على شكل عقوبات آحادية، نظراً إلى توقع واشنطن أن تلجأ روسيا والصين إلى استخدام الفيتو ضد أي مشروع قرار في مجلس الأمن يندد ببيونغ يانغ.   

وهذا ما يسلط الضوء على التعقيدات الدولية الناجمة عن النزاع الأوكراني، وعن المواجهة التي تخوضها الولايات المتحدة ضد تنامي النفوذ الصيني في المحيط الهادئ. 

وصحيح أن أزمة كوريا سابقة للحرب الروسية – الأوكرانية وللحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين، لكن مناخات الاستقطاب الدولي الحالية، لا تسمح بأي انفراج على أي جبهة من جبهات الأزمات الدولية العالقة. وعلى سبيل المثال التعثر الذي تواجهه مفاوضات فيينا النووية بين إيران والقوى الدولية لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، هو أحد انعكاسات المواجهة الأشمل بين واشنطن وموسكو.    

وهذا أمر مشابه لتصاعد التوتر في تايوان مع تحذير الرئيس الأميركي جو بايدن خلال جولته الآسيوية الشهر الماضي، من أن أميركا ستدافع عن الجزيرة في حال سعت بكين إلى ضمها بالقوة، وسرعان ما ردت الصين بتحليق 30 من مقاتلاتها على حافة المجال الجوي التايواني. وعندما تنشئ واشنطن المزيد من التكتلات الأمنية والاقتصادية في المحيطين الهادئ والهندي، فإنها لا تكون تساهم في تعزيز مناخ الاستقرار في المنطقة.  

ولا تبدو بيونغ يانغ في وارد الرد إيجاباً على عروض الحوار الأميركي، طالما أن المواجهة العالمية بين واشنطن ومعها حلفاؤها في الغرب وآسيا من جهة وروسيا والصين من جهة ثانية، إلى تصاعد، والعالم ذاهب إلى انقسامات حادة هي الأكثر توتراً منذ 30 عاماً.  

وكوريا الشمالية وتايوان وإيران وسوريا ومناطق أخرى من العالم هي محل تجاذب بين الغرب من جهة وروسيا والصين من جهة ثانية.

ومع رسائل “الردع” الأميركية، لا يمكن واشنطن أن تتوقع في المقابل تعاوناً من روسيا والصين، في تسهيل الحلول للأزمات الدولية وفي مقدمها كوريا الشمالية.

والعلاقات المأزومة بين أميركا والصين، تجد صداها في أكثر من منطقة في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي، ومن الممكن أن يمتد التوتر إلى أماكن أبعد. وهناك تهديدات متبادلة بين الصين من جهة وكندا وأستراليا من جهة ثانية على خلفية الدورين الكندي والأسترالي في مراقبة العقوبات على كوريا الشمالية.

وعروض القوة الأميركية والكورية الجنوبية قد تؤدي إلى عكس المتوخى منها، وقد تشجع كوريا الشمالية على تحصين نفسها أكثر وعدم القبول بنزع سلاحها النووي، بموجب أي اتفاق مع الولايات المتحدة.

ومع تسلم الرئيس الكوري الجنوبي المتشدد يون سوك-يول مهامه الشهر الماضي، فإن العلاقات مع الشمال من غير المرجح أن تشهد أي انفراج محتمل في المدى المنظور. وستبقى الأنظار معلقة على التجارب الصاروخية والتجارب المضادة، ما يزيد من خنق أي فرص للحوار وخفض التصعيد.

شاهد أيضاً

إيران وإسرائيل… الحرب والحديث المرجّم

بقلم عبد الله العتيبي – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم- ضعف أميركا – سياسياً لا …