الرئيسية / مقالات رأي / جونسون والثقة المهزوزة

جونسون والثقة المهزوزة

بقلم: يونس السيد – صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – لم يكن تصويت 211 نائباً من حزب المحافظين البريطاني مقابل معارضة 148 نائباً في اقتراع حجب الثقة عن رئيس الوزراء بوريس جونسون داخل الحزب الذي يتزعمه، كافياً لاستعادة الثقة التي اهتزت بالفعل على خلفية سلسلة الفضائح (بارتي غيت) التي لاحقته طوال الأشهر الماضية بسبب الحفلات التي أقامها في مقر الحكومة في أوج انتشار جائحة كورونا خلافاً للقوانين المعمول بها في البلاد. صحيح أن جونسون نجا من السقوط في ذلك الاقتراع، لكنه خرج جريحاً منه بخسارته أكثر من ثلث نواب حزبه الذين سحبوا ثقتهم فيه باعتباره لم يعد مؤهلاً لقيادة الحزب والدولة، وبعد أن تشكلت لديهم القناعة بأنه كذب على الحزب والبريطانيين بشكل عام، والذين لم يترددوا في مطالبته بالاستقالة على الرغم من تمسكه بالسلطة.

والحقيقة أن مجرد طلب 54 نائباً من نواب الحزب البالغ عددهم 359 نائباً، والذين يشكلون نسبة الـ 15 في المئة المطلوبة لإجراء الاقتراع، يعني اهتزاز الثقة في قيادة جونسون، الذي ظن أن أداءه الأكثر تشدداً في التعامل مع الأزمة الأوكرانية، ورهانه على المماطلة وكسب الوقت، يمكن أن يشكل تعويضاً عن تلك الفضائح وخرقه للقوانين التي كان أول رئيس وزراء بريطاني يقوم بها وهو في منصبه.

ومعروف أنه لو تم سحب الثقة من زعيم الحزب يتحتم عليه، بحسب القواعد الداخلية، الاستقالة من رئاسة الحكومة. لكن المشكلة تبقى في ما إذا كان قادراً بالفعل، بوجود تحقيقين أحدهما أجرته الشرطة والآخر تحقيق حكومي تم نشره على الملأ، على إعادة توحيد صفوف الحزب واستعادة ثقة البريطانيين الذين يطالبون باستقالته، من دون أن يشفع له فوزه الساحق في انتخابات عام 2019 لقيادة «بريكست» أو عملية الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي.

والحقيقية أن الأمر لا يتوقف عند خرق جونسون لقوانين الحظر الصحي، فهناك مؤشرات كثيرة على وجود تحديات جدية لزعامته، سواء داخل الحزب أو خارجه، وقد بدأت هذه التحديات مع تراجع شعبية الحزب في عهده على مستوى البلاد، وازدادت هذه التحديات مع خسارة الحزب مئات المقاعد في انتخابات المجالس المحلية، التي أجريت في مطلع مايو/أيار الماضي، بما فيها أهم معاقله التقليدية، وهناك توقعات بأن يخسر المزيد في انتخابات فرعية مقررة أواخر الشهر الحالي في جنوب غرب وشمالي إنجلترا. وهذه العوامل مجتمعة دفعت الكثير من قادة الحزب إلى السعي لاستبداله لاقتناعهم بأن استمراره على رأس السلطة سيؤدي إلى خسارة المحافظين الانتخابات البرلمانية المقبلة.

وإذا كان صحيحاً أيضاً أنه بحصول جونسون على تأييد أكثر من نصف النواب، لن يكون من الممكن إجراء تصويت مشابه بحقه قبل مرور عام، إلا أنه يمكن لحزب المحافظين أن يبدّل القواعد الداخلية للسماح بخطوة مشابهة تتحدى سلطته قبل عام. ويمكن هنا العودة إلى وضع مماثل عندما نجت رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي من اقتراع للثقة، لكنها اضطرت إلى تقديم استقالتها بعد شهر تقريباً حينما وجدت نفسها وقيادتها للحزب في موقع مهزوز.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …