الرئيسية / مقالات رأي / هل هو نفير الحرب؟

هل هو نفير الحرب؟

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – شيئاً فشيئاً تتخذ أزمة تايوان منحى تصعيدياً خطيراً، ينذر بتوسع ساحة الحرب بما يتعدى الساحة الأوروبية عبر الحرب الأوكرانية إلى شرق آسيا، من خلال مواجهة يتم تهيئة أسبابها بين الولايات المتحدة والصين، على خلفية المواقف الأخيرة التي رافقت زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى كلٍ من كوريا الجنوبية واليابان، وتصريحاته التي أشار فيها إلى أن بلاده سوف تتدخل عسكرياً إلى جانب تايوان، إذا ما تعرضت لهجوم من جانب الصين بهدف استعادتها إلى الوطن الأم.

هذا التصريح اعتبرته بكين بمثابة إعلان مباشر من واشنطن بأنها لن تسمح باستعادة وحدة الأراضي الصينية، وأنها ستقاتل إلى جانب تايوان. هذا الموقف الذي حاولت إدارة بايدن التملص منه والتخفيف من تبعاته بالقول أن لا تغيير في السياسة الأمريكية تجاه تايوان، والتأكيد على «سياسة الصين واحدة والالتزام بالسلام والاستقرار عبر مضيق تايوان»، لم يقنع بكين أبداً.

وقد بدت تصريحات بايدن بأنها تتناقض وسياسة «الغموض الاستراتيجي» التي تنتهجها الولايات المتحدة منذ عقود، وهو مصطلح تعمدت تطبيقه لإضفاء عدم الوضوح والضبابية في بعض جوانب سياساتها الخارجية، ومن بينها مسألة تايوان.

وكان الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت إيزنهاور استخدم سياسة «الغموض الاستراتيجي» طوال السنوات الثماني التي قضاها في البيت الأبيض، ضد كوريا وفيتنام.

بعد هذه التصريحات عمدت بكين إلى اتخاذ مواقف متشددة تجاه واشنطن، حيث أكدت أن واشنطن «تلعب بالنار»، وأن «لا مجال للتهاون أو تقديم تنازلات في أمور تتعلق بسيادة الصين ووحدة أراضيها». كما أقدمت على سلسلة إجراءات عسكرية قرب سواحل تايوان وفي الأجواء المحيطة بها، من خلال مناورات جوية واسعة بالاشتراك مع روسيا، وبمشاركة مقاتلات استراتيجية، ثم إجراء مناورات في بحر الصين الجنوبي، إضافة إلى تنفيذ «دورية استعداد قتالي» في البحار والمجال الجوي التايواني، كإجراء «ضروري للرد على التواطؤ بين واشنطن وتايبه». وذكرت المعلومات أن ثلاثين طائرة صينية شاركت في هذه الدورية. وقد أكدت قيادة المنطقة الشرقية للجيش الصيني أن ذلك بمثابة «إجراء ضروري ضد التواطؤ بين الولايات المتحدة وتايوان». 

الموقف الأمريكي المستجد يعني أن الصين تحولت من «منافس» إلى «عدو»، كما هو حال روسيا، وأن سعي واشنطن لمحاصرة الصين بالأحلاف العسكرية مثل «أوكوس» و«كواد»، مماثل لمحاصرة روسيا من خلال توسع حلف الأطلسي شرقاً بالتمدد باتجاه أوكرانيا وفنلندا والسويد. وليس مستبعداً أن تتخذ واشنطن من المسألة التايوانية مبرراً لتكرار ما يحدث في أوكرانيا.

الصين ترى أن من حقها أن تقلق إزاء المواقف الأمريكية التي بدأت تنحو باتجاه المواجهة بدلاً من الحوار، وأن السعي إلى إقامة أحلاف عسكرية مشابهة لحلف الأطلسي في شرق آسيا والمحيط الهادئ، يشي بنوايا لا تبشر بأن واشنطن مستعدة للقبول بحقها في استرداد تايوان كجزء من الأراضي الصينية، ووفقاً للتعهد الأمريكي بقبول «الصين واحدة في نظامين».

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …