الرئيسية / مقالات رأي / التقدم الروسي في الدونباس… هل يفتح باب التسوية؟

التقدم الروسي في الدونباس… هل يفتح باب التسوية؟

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي

الشرق اليوم- مع التقدم الثابت للقوات الروسية في الشرق الأوكراني، تكبر التساؤلات في كييف وفي الغرب أيضاً عما إذا حان الوقت لتقديم بعض التنازلات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين كي يوقف الحرب ويبدأ التفاوض الجدي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حول تسوية دائمة بين الجارين السلافيين.  

والتحول الحاصل في الميدان وعجز الاتحاد الأوروبي عن الاتفاق على حظر فوري للنفط والغاز الروسيين وأزمة الغذاء التي بدأت تذر قرنها في غير منطقة من العالم بفعل تعطل الصادرات الأوكرانية من الحبوب، كلها عوامل من المفترض أن تلعب دوراً في إقناع زيلينسكي بتقديم تنازلات وإنقاذ ما تبقى من أوكرانيا قبل أن تأتي الحرب عليها بالكامل.  

ولا يبدو أن رهان زيلينسكي على تسلم أسلحة ثقيلة من الغرب، سيكون في مقدوره قلب موازين القوى بالسرعة المطلوبة، أو بما يوازي عملية التقدم العسكري الروسي، فضلاً عن أن عملية إعادة التوازن إلى الميدان سيكون من شأنها أيضاً إطالة أمد الحرب، وتكبيد الجانبين المزيد من الخسائر، من دون إغفال احتمال تمدد الحرب إلى دول أخرى في حال انحرطت دول أوروبية في عملية تسليح واسعة النطاق لكييف.  

ويتعين على زيلينسكي التمعن جيداً في رفض الرئيس الأمريكي جو بايدن، تزويد أوكرانيا بأنظمة صاروخية بعيدة المدى في إمكانها قصف العمق الروسي. إن مثل هذه الخطوة كانت ستشكل كسراً للردع الروسي، ومن الصعوبة بمكان التنبؤ بما كان سيكون عليه رد موسكو على خطوة أمريكية كهذه.  

وفي ضوء الواقع الميداني الجديد، بدأت تحذيرات تصدر في أمريكا وأوروبا من مغبة المضي في مسار التسلح الحالي، بينما باب المفاوضات مقفل. وكان لافتاً جداً الكلام الذي قاله وزير الخارجية الأمريكي سابقاً هنري كيسنجر أمام منتدى دافوس الأسبوع الماضي، من أنه يتعين على كييف الدخول في مفاوضات مع موسكو ولو أدى ذلك إلى خسارة أوكرانيا بعض أراضيها، لأن استمرار الحرب في نظره سيهز الاستقرار الأوروبي والعالمي. 

لكن رد كييف على اقتراح كيسنجر لم يكن مشجعاً، وقوبل بالتنديد من المسؤولين الأوكرانيين الذين إتهموه بقراءة الواقع بعيون عام 1938، عندما تنازلت فرنسا وبريطانيا أمام ألمانيا النازية عامذاك، وكان ذلك من الأسباب التي أدت إلى نشوب الحرب العالمية الثانية.  

ومع ذلك، فإن كثيرين في الغرب لا يقرون بما يذهب إليه زيلينسكي وآخرون في حكومته من عقد مقارنة بين بوتين وهتلر، مثلما لا يقرون بالاتهامات بالنازية التي يسوقها الكرملين لكييف.    

وفي خضم هذا الجدل الدائر، ثمة من يسلم بأن إطالة أمد الحرب ستجر إلى كارثة أخرى في أوروبا، لذا يجب العمل سريعاً على خطوات قد تكون مؤلمة بالنسبة الى كييف، من أجل وقف الحرب، والدخول في مفاوضات جدية.  

كما يتعين على زيلينسكي أن يقرأ بتمعن أيضاً الأصوات التي بدأت تعلو في الغرب محذرة من إلحاق هزيمة ساحقة بروسيا أو إذلالها، وفق ما يدعو بعض المتشددين، من دون وعي كامل بالحقائق وبالتجارب التاريخية.   

ويبقى الأفضل للقيادة الأوكرانية الذهاب إلى خيار التفاوض قبل أن تكبر الخسائر أكثر، أو قبل أن تتمدد الحرب بالصدفة أو من سوء في الحسابات وتصل إلى مواجهة مباشرة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، مع كل السيناريوات الكارثية التي يمكن أن تترتب على ذلك.  

في الحسابات الإستراتيجية الدقيقة، ليس من مصلحة أوكرانيا المضي في حرب تستنزف كامل مقدراتها وبناها التحتية، بينما لا يزال متاحاً التوصل إلى تفاهم مع روسيا.

شاهد أيضاً

أميركا إذ تتنكّر لتاريخها كرمى لعينيّ نتنياهو

بقلم: راغب جابر- النهار العربيالشرق اليوم– فيما تحارب إسرائيل على أكثر من جبهة، تزداد يوماً …