الرئيسية / مقالات رأي / الجوع…جبهة أخرى للحرب الأوكرانية

الجوع…جبهة أخرى للحرب الأوكرانية

بقلم: أسعد عبود- النهار العربي

الشرق اليوم- بدأت الآثار الجانبية للحرب الروسية-الأوكرانية تلقي بثقلها على العالم أكثر فأكثر. الأمر لا يتعلق فقط بالتضخم الذي يجتاح الولايات المتحدة وأوروبا، ولا بإرتفاع أسعار الوقود كنتيجة مباشرة لبدء دول الإتحاد الأوروبي الإستغناء عن موارد الطاقة الروسية والبحث عن بدائل كلفتها أعلى بكثير، وإنما الإستحقاق الداهم هو أزمة الغذاء التي بدأت تظهر إرهاصاتها في الدول الفقيرة، ولا سيما تلك التي تعتمد على روسيا وأوكرانيا في وارداتها من الحبوب.

أزمة الغذاء تهدد مئات الملايين من الناس بالمجاعة، إذا لم تتوقف الحرب أو على الأقل إيجاد الآليات المناسبة التي تتيح لروسيا وأوكرانيا تصدير الحبوب. والحبوب والزيوت ليس من السهولة بمكان تعويضهما. والدول الغنية ربما في إمكانها شراء الوقود والحبوب من دول غير روسيا، لكن الدول الفقيرة، ستكون في مواجهة مهمة في غاية الصعوبة، في رحلة البحث عن البدائل.

وإذا لم تقم المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين فضلاً عن الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، في مساعدة الدول الفقيرة على تجاوز أزمتي الغذاء والوقود، فإن هذه الدول معرضة لأخطار كارثية.

وعلى سبيل المثال ماذا يمكن دولة مثل مصر أن تفعل، في الوقت الذي تستورد 70 في المئة من قمحها من روسيا و30 في المئة المتبقية من أوكرانيا. ماذا في إمكان دول مثل لبنان واليمن وسوريا والعراق وليبيا والسودان، أن تفعل لتأمين القمح، إذا لم تساعد المؤسسات المالية الدولية والأمم المتحدة هذه الدول، على تجاوز الكوارث التي تنتظرها، ناهيك عن دول أخرى في العالم ولا سيما في أفريقيا تعاني في الأصل أزمات غذائية حادة.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش واضحاً جداً في شأن هذه المسألة، وقال الأسبوع الماضي إن الحرب “تهدد بدفع عشرات ملايين الأشخاص الى حافة انعدام الأمن الغذائي”. وحذر من أن ما قد يلي ذلك سيأخذ شكل “سوء التغذية وجوع جماعي ومجاعة في أزمة قد تستمر سنوات”.

ولاقاه في هذا الرأي، الممثل الأعلى للإتحاد الاوروبي جوزيب بوريل، الذي قال إن أزمة غذاء وشيكة قد تضرب العالم بسبب استمرار الحرب في أوكرانيا.

وحذر الرئيس الالماني فرانك-فالتر شتاينماير من “خطر المجاعة الجماعية في مناطق مختلفة من العالم بسبب الأحداث الجارية في أوكرانيا”.

وأكد وزير الدولة لشؤون النقل البريطاني غرانت شابس، أن نقص الحبوب والغذاء بسبب الحرب قد تكون له عواقب وخيمة على مستوى العالم. 

لكن كيفاستقبلت روسيا هذه التحذيرات؟ فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين  طالب برفع العقوبات عن بلاده كشرط لتجنب أزمة غذائية عالمية.

وبينما لا يظهر الغرب أي استعداد لرفع العقوبات عن روسيا ما دامت الحرب مستمرة، فإن الأكثر ترجيحاً، هو تفاقم الأزمة الغذائية في العالم. 

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الطريق لتجنب المزيد من الكوارث المتأتية عن الحرب، هو العمل على وقفها من طريق الحوار وتقديم التنازلات المتبادلة. 

وطالما أن طرفي النزاع لا يزالان غير مقتنعين بأن ساعة الحوار قد حانت، فإن الحرب ستتواصل. ولا تظهر مؤشرات جدية حتى الآن توحي بإمكان تحقيق إختراق سياسي.  

لكن هذا لا يعفي بقية قادة العالم، وخصوصاً الزعماء الأوربيين من العمل الحثيث على كسر الجمود في الجهود الديبلوماسية والتقدم بمبادرات من شأنها فتح ثغرة في جدار الأزمة المتصاعدة. 

لم يعد مصير روسيا وأوكرانيا وحدهما الذي يتغير بسبب الحرب، بل إن أوروبا وبقية العالم، مرشحة لدفع ثمن كارثي للنزاع الدائر الآن.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …