الرئيسية / مقالات رأي / حاجة بايدن إلى كوبا وفنزويلا… الآن

حاجة بايدن إلى كوبا وفنزويلا… الآن

بقلم: سميح صعب – النهار العربي

الشرق اليوم – فرضت الحرب الأوكرانية على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إحداث تغيير في السياسة الأميركية، ليس فقط في أوروبا أو الشرق الأقصى، بل في أميركا اللاتينية أيضاً، ذلك أنه بفارق أيام، قرر البيت الأبيض رفع بعض العقوبات عن كوبا وفنزويلا، وهما دولتان تتمتعان بعلاقات وثيقة مع روسيا.    

وأعلنت واشنطن رفع مجموعة من القيود المفروضة على كوبا، لا سيما في مجال الهجرة والتحويلات المالية والرحلات الجوية. ووعدت بزيادة قدرة دبلوماسييها في هافانا على معالجة طلبات تأشيرات السفر إلى الولايات المتحدة، وهي خدمة استأنفتها السلطات الأميركية على نطاق ضيق مطلع أيار (مايو)، بعد أربع سنوات من إيقافها بسبب هجمات صوتية مزعومة تعرّض لها موظفون دبلوماسيون في هافانا.

وجدير بالذكر أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ألغى تحت ضغط المنفيين الكوبيين، كل خطوات التطبيع التي اتخذها سلفه الديموقراطي باراك أوباما، لا سيما تبادل السفراء وزيادة التعاون التجاري بين واشنطن وهافانا. وعمل ترامب أيضاً على إضافة عقوبات جديدة من أجل خنق الاقتصاد الكوبي.

وعندما وصل بايدن إلى البيت الأبيض، ساد اعتقاد بأن الأخير سيسارع إلى إلغاء العقوبات التي فرضها ترامب والعودة إلى نهج أوباما. لكن المفاجأة كانت أن الرئيس الديموقراطي لم يحرك ساكناً طوال سنة ونصف السنة من تسلمه مهامه وأبقى العقوبات الأميركية على كوبا، التي زادت التحديات أمامها في ظل الوباء. وفي تموز (يوليو) من العام الماضي شهدت الجزيرة تظاهرات احتجاجية على تردي الوضع المعيشي، لكن السلطات عملت على استيعابها بينما رأى فيها المسؤولون الأميركيون نقطة ضعف لدى النظام الكوبي الخاضع للحصار الأميركي منذ أوائل الستينات من القرن الماضي.

بيد أن الحرب الروسية – الأوكرانية، دفعت بايدن على الأرجح إلى تغيير نهجه خوفاً من أن تستخدم روسيا كوبا ورقة ضغط على الولايات المتحدة، كما حصل في أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، عندما وصلت واشنطن وموسكو إلى شفير حرب نووية.  

وبذلك يكون الدافع الأساسي وراء التغيير في السياسة الأميركية، سحب البساط من تحت أقدام روسيا في كوبا، التي تبعد فقط عشرات الكيلومترات عن ميامي الأميركية، وهي خطوة استباقية للحؤول دون أي تحرك روسي لاستخدام كوبا ورقة ضغط على الولايات المتحدة.  

وما يصح على كوبا يصح على فنزويلا، حيث بادرت إدارة بايدن إلى تخفيف محدود لبعض العقوبات عليها، مؤكدة أنها تريد بذلك تشجيع معاودة الحوار السياسي بين الرئيس نيكولاس مادورو والمعارضة المدعومة من واشنطن.

ويشمل “تخفيف العقوبات” خصوصاً “استثناء محدوداً” منح لمجموعة “شيفرون” النفطية الأميركية في إطار الحصار النفطي الذي فرضته واشنطن على كراكاس عام 2019 أملاً بطرد مادورو من السلطة.    

وأيضاً، لا تريد إدارة بايدن أن تتغلغل روسيا في حديقتها الخلفية عبر فنزويلا. وبعدما وجدت أن حليفها الفنزويلي خوان غوايدو غير قادر على قلب المعادلة السياسية في هذا البلد رغم سنوات من الدعم الأميركي والأوروبي، لا يريد بايدن المخاطرة في جعل فنزويلا قاعدة روسية في أميركا اللاتينية.  

وعلاوة على ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى موارد الطاقة الفنزويلية في الوقت الذي يحاول الغرب تصفير الاعتماد على النفط والغاز الروسيين، من أجل الضغط على موسكو وحرمانها من مصادر لتمويل الحرب في أوكرانيا. فالنفط الفنزويلي أضحى حاجة غربية في المواجهة المفتوحة مع روسيا.

انفتاح بايدن على كل من كوبا وفنزويلا، هو حلقة من حلقات الحرب الباردة الجديدة بين الولايات المتحدة وروسيا التي ستشمل صراعاً على النفوذ بين واشنطن وموسكو.

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …