الرئيسية / مقالات رأي / أوكرانيا… والفشل الذريع للدبلوماسية

أوكرانيا… والفشل الذريع للدبلوماسية

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي

الشرق اليوم – كل الدلائل تشير إلى أن الحرب الروسية – الأوكرانية ستكون طويلة ولن تنتهي في المدى المنظور. ويكفي النظر إلى عودة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خالي الوفاض من جولته على موسكو وكييف، ليتبين أن أطراف النزاع لا تزال تراهن على أن الميدان قد يحمل لها تطورات تقوي موقفها عند الاستحقاق الجدي للمفاوضات.

ولم يتردد غوتيريش خلال جولته، في توجيه الانتقاد الصريح لمجلس الأمن، معتبراً أن الحرب في أوكرانيا دليل على الفشل الذريع للمجلس. 

قبل غوتيريش، وصلت المساعي التركية إلى طريق مسدود، رغم أن اجتماع إسطنبول في آذار (مارس) الماضي، حمل بعض الأمل في الانتقال من الميدان إلى طاولة الحوار، فأتت أحداث بوتشا لتوقف زخم المفاوضات وتعيد الكلمة للمدافع.

تعثر المساعي الدبلوماسية ليس المؤشر الوحيد الى أن الحرب طويلة. فهذا الغرب يرسل الأسلحة إلى أوكرانيا على نحوٍ غير مسبوق فضلاً عن سخاء اميركي تمثل في إعلان الرئيس جو بايدن عن طلبه من الكونغرس 33 مليار دولار على شكل مساعدات عسكرية ومالية لأوكرانيا لتمكينها من الصمود في المعركة ضد روسيا.

كما حدث تغيير في الموقف الألماني من إرسال أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا بعد اجتماع رامشتاين الذي رعته الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، إذ قررت برلين تزويد كييف بمدرعات “غيبارد” المزودة بأنظمة مضادة للطائرات، بينما تسعى أميركا إلى الإنتقال من مرحلة الاكتفاء بتوفير أسلحة مضادة للدروع من طراز “جافلين”، إلى مرحلة أكثر تقدماً مع تزويد أوكرانيا بمدافع هاوتزر ودبابات ومسيرات “شبحية” و”إنتحارية”، فضلاً عن السعي لدى دول حلف وراسو المنحل والتي هي اليوم أعضاء في حلف شمال الأطلسي، إلى إرسال كل ما تملكه في ترسانتها من أسلحة سوفياتية قديمة وبينها أنظمة صواريخ “إس-300” ودبابات “تي-72” إلى كييف، على أن تعوض الولايات المتحدة هذه البلدان بأسلحة أميركية.

ويمكن اعتبار أن تسريع عملية ضم فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي، ورقة من أوراق التصعيد الغربي المهمة في المواجهة الواسعة مع موسكو. كما لا يمكن إلا التوقف عند تصاعد العقوبات الغربية وتوسعها نحو استهداف قطاعات روسية جديدة.

وفي الوقت نفسه غيرت روسيا من خططها على الأرض وتضغط أكثر في منطقة الدونباس وتعتمد على الهجمات الصاروخية العالية الدقة لضرب بنى تحتية للجيش الأوكراني واستهداف المساعدات الآتية من الغرب، مع ما يحمله ذلك من زيادة مخاطر حصول صدام مباشر بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.  

وبدأت روسيا أيضاً الرد على العقوبات، بفرض عقوبات على أفراد وكيانات غربية، ليصل الأمر إلى تعليق تزويد بولندا وبلغاريا بالغاز الروسي، بعدما تمنعت الدولتان عن دفع ثمن المشتريات بالروبل الروسي. وهذا الأمر مرشح ليطاول بلداناً أخرى في المستقبل غير البعيد، بينما الاتحاد الأوروبي يعد حزمة سادسة من العقوبات على روسيا، قد تشمل بعض قطاعات الطاقة الروسية، وليس كلها، وذلك أخذاً في الاعتبار أن بعض الدول الأوروبية لن تكون في موقع يؤهلها للإستغناء الفوري عن الغاز الروسي، من دون إلحاق ضرر كارثي باقتصاداتها، وألمانيا مثالاً.

غياب التفاوض الجدي وإفساح المجال أمام الخيارات العسكرية، يحمل في طياته احتمالات توسع النزاع إلى مناطق أوروبية جديدة. ومثلما يزج الطرفان بأدوات متعددة في هذه الحرب التي تتخذ وجوهاً كثيرة، فإن من شأن ذلك إطالة أمدها وتحولها إلى حرب بالوكالة، من دون استبعاد التورط عند مرحلة معينة بحرب مباشرة.

وعليه، ستترتب على هذه الحرب الأوسع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، كلفة عالية ليس للأطراف المنخرطة فيها فحسب، وإنما كثير من الدول الأخرى البعيدة من خط التماس، ستدفع بدورها أثماناً من اقتصاداتها وأمنها الاجتماعي. 

شاهد أيضاً

إسرائيل تختار الصفقة بدلاً من الرد الاستعراضي

بقلم: علي حمادة – صحيفة النهار العربي الشرق اليوم– تجنبت ايران رداً إسرائيلياً استعراضياً يفرغ …