الرئيسية / مقالات رأي / آداب الحرب السيبرانية

آداب الحرب السيبرانية

بقلم: إبراهيم الجبين – العرب اللندنية

الشرق اليوم – عدا عن تداول الفيديوهات التي تظهر آثار الشيخوخة على وعي وتصرفات الرئيس الأميركي جو بايدن في الآونة الأخيرة، وأخبار طموحات إيلون ماسك بشراء كوكاكولا بعد تويتر، ووعده لمحبيها بإعادة الكوكائين إليها من جديد، فإن هناك من العلماء والاستراتيجيين من يستغرب أشد الاستغراب من حالة لم تكن متوقعة.

من خلال الخبرة السابقة بها، اعتقد العلماء والراصدون الأمنيون أن روسيا ستشن حرباً سيبرانية عظيمة ضد أوكرانيا بالتوازي مع حربها العسكرية ضد جارتها، لكن هذا لم يحدث.

عكفوا على دراسة الأمر، ووضعوا احتمالات عديدة، فعلى سبيل المثال ترى المهندسة جانا ماليكوس سميث من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن أنَّ روسيا ظنَّت أنَّها ستحتل أوكرانيا سريعاً، و”ربما وجدت أن من مصلحتها الحفاظ على أجزاءٍ من بنية أوكرانيا التحتية، بدلًا من تدميرها والاضطرار إلى إعادة بنائها مجددًا”.

هذا التأويل شديد الأهمية لأنه يتعلق بالسؤال الذي يجب أن يطرحه القوي على نفسه؛ كم يكفيني من قوتي لأستعمله في هذا الموقف؟ وقد يكون بعض اللين إلى جانب القوة أمرًا ضروريّا وهامّا للحفاظ على أمور كثيرة، تصل إلى الأمن القومي لكنها تبدأ من الأسرة والتعامل مع الطفولة.

فرضية أخرى حول الحرب السيبرانية الروسية المفقودة، يرجح البعض فيها أن الروس لا يحاربون بكامل قوتهم السيبرانية لسبب ماكر؛ لكي يجنّبوا أنفسهم ما قد يتسببون به من آثار خارج أوكرانيا، الأمر الذي قد يدفع الغرب إلى الرد وحينها ستجد روسيا نفسها ضحية هجوم سيبراني عالمي متعدد الجبهات قد لا تحتمله أنظمتها.

لا تستهن بالأمر، فهذا لا يُحلّ بماسح فايروسات ولا بأن تعيد تشغيل كومبيوترك ولا حتى أن تقرأ عليه وتتمتم. هذه حرب كبرى العلم فيها هو السيد، وقد سبق للقراصنة الروس أن أطلقوا عام 2017 برنامجا خبيثاً أسموه “نوتبيتيا” يستهدف البرمجيات المالية للشركات الأوكرانية تحديدًا، لكنَّ الأمور أفلتت من بين أصابعهم حين وجد الفايروس ثغرة تمكّن من الانتشار عبرها إلى العالم كله، فقام بمنع الوصول إلى سجلات شركاتٍ كبرى مثل شركة الشحن الدنماركية “مايرسك”، وكانت الأضرار الجانبية لذلك فقط 10 مليارات دولار أميركي.

هناك مثال آخر؛ في يوم انطلاق الغزو الروسي في فبراير الماضي، شنت روسيا هجومًا على شركة “فياسات” الأوروبية المشغلة للأقمار الصناعية بقطع الاتصال بالإنترنت في أوكرانيا، لكن ماذا فعل هذا الهجوم أيضاً؟ عطّل الآلاف من توربينات الرياح الألمانية التي تستخدم خدمات “فياسات” للتواصل.

كل شيء له آداب حتى الحرب السيبرانية، وهذا يعني أن الحرب المتقدّمة هي بلا حدود حقًّا، فماذا يمكن أن يفعل السلام المتقدّم إذًا؟

شاهد أيضاً

أميركا إذ تتنكّر لتاريخها كرمى لعينيّ نتنياهو

بقلم: راغب جابر- النهار العربيالشرق اليوم– فيما تحارب إسرائيل على أكثر من جبهة، تزداد يوماً …