الرئيسية / مقالات رأي / فاز ماكرون ولوبان لم تخسر

فاز ماكرون ولوبان لم تخسر

افتتاحية صحيفة “الخليج”


الشرق اليوم – صحيح أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أعيد انتخابه رئيساً لفرنسا للمرة الثانية، ليصبح ثالث رئيس دولة فرنسي يتم انتخابه مرتين متتاليتين بالاقتراع العام، لينضم إلى الرئيسين السابقين فرانسوا ميتران، وجاك شيراك.
وصحيح أيضاً، أن ماكرون دخل التاريخ بهذا الفوز الاستثنائي، ويعاد انتخابه من خارج المنظومة السياسية التقليدية التي هيمنت على السلطة، خصوصاً من جانب الاشتراكيين والديغوليين منذ اعتماد الاقتراع العام المباشر عام 1962.
صحيح كذلك، أن فوز ماكرون لاقى ترحيباً في معظم الدول الأوروبية، والعالم، لأنه يمثل خطاً سياسياً معتدلاً قطع الطريق على وصول زعيمة حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف، مارين لوبان، إلى الإليزيه، بكل ما كان يعنيه ذلك من دفع لليمين الأوروبي والشعبوية ومعاداة المهاجرين والأجانب، وإضعاف أواصر الوحدة الأوروبية.
لكن نتائج الانتخابات تؤكد من جهة ثانية، أن هزيمة لوبان لم تكن هزيمة مطلقة، فهي حصلت على نسبة وازنة من أصوات الناخبين الفرنسيين، إي على 41.4 في المئة من الأصوات مقابل 58.6 في المئة للرئيس ماكرون، معززة بذلك الرقم الذي حصلت عليه في انتخابات عام 2017 وهو 33 في المئة من الأصوات، أي أنها تقدمت نحو 11 في المئة عن السابق، وهذا يعني في الحسابات السياسية، وفي حساباتها هي، هزيمة بطعم الفوز، وهو ما أعلنته بعد إعلان نتيجة الانتخابات بقولها «هذا بحد ذاته فوز مدوٍّ، ليس لدي أدنى شعور بالاستياء، رغم الخسارة فإنني أتمسك بالأمل، لأن هذه النتيجة تعكس عدم ثقة الشعب الفرنسي بالسياسات الحالية».
في الواقع، ليس هيّناً أن تحصل لوبان على هذه النسبة، لأنها تعني أن هناك انقساماً عمودياً داخل المجتمع الفرنسي الذي يؤيد أكثر من 41 في المئة منه سياسات اليمين، وذلك يعطي لوبان دفعاً قوياً للمضي في معركتها مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في يونيو/ حزيران المقبل، وهو ما أشارت إليه بأن معركتها «لم تنته، وسنواصل العمل في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وسنخوض الانتخابات التشريعية ضد سياسات ماكرون، لأن مشروعه يمثل خطراً على فرنسا».
حملة الانتخابات التشريعية بدأت بالفعل بعد صدور نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وقد باشرت كل الأحزاب الفرنسية معركتها للفوز بأغلبية عدد مقاعد الجمعية الوطنية (البرلمان)، وعددها 577 مقعداً، عبر الاقتراع العام المباشر في اقتراع على دورتين لمدة خمسة أعوام.
ووفق الدستور الفرنسي، فإن الأغلبية هي التي تشكل الحكومة، وتحكم وليس رئيس الجمهورية، فالرئيس يرأس والحكومة تحكم، ولتحقيق الأغلبية البرلمانية يحتاج ماكرون للحصول على 289 مقعداً برلمانياً، كي يتفادى معارضة برلمانية حادة لسياساته.
يذكر أن حزبه حصل في انتخابات 2017 على 280 مقعداً، وهو عدد قد لا يستطيع الحصول عليه في الانتخابات التشريعية المقبلة، نظراً للتقدم الذي حققه اليمين بزعامة لوبان، واليسار بزعامة جون لوك ميلانشون في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …