الرئيسية / مقالات رأي / دونباس “أم المعارك”

دونباس “أم المعارك”

الشرق اليوم- بعد ثلاثة أشهر على بدء الحرب الروسية – الأوكرانية وما جرى فيها من معارك ومواجهات في مناطق مختلفة من أوكرانيا، وخصوصاً في المدن الكبرى، ومن بينها العاصمة كييف، إلا أن منطقة دونباس ومدينة ماريوبول الساحلية كانت هدفاً استراتيجياً للهجوم الروسي لحماية الروس في شرقي أوكرانيا وضمان حقوقهم بعيداً عن سلطات كييف التي “مارست التمييز والاضطهاد عليهم” كما تقول موسكو.

 ويوم أمس أعلنت روسيا إحكام السيطرة على ماريوبول، باستثناء مصنع “آزوفستال”؛ حيث تتحصن “كتيبة آزوف” التي تضم متطرفين يمينيين من بينهم نازيون جدد. وقد وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التهنئة إلى وزير الدفاع سيرغي شويغو الذي أكد استسلام 1478 مقاتلاً، وإجلاء أكثر من 142 ألف مدني من المدينة، فيما أعلن الرئيس الروسي أن لا حاجة لاقتحام المنطقة الصناعية؛ حيث يقع مصنع “آزوفستال”، ووعد بضمان “عدم التعرض والتعامل باحترام مع القوات الأوكرانية التي تغادر المصنع”.

 السيطرة على ماريوبول تعتبره موسكو انتصاراً استراتيجياً في مسار الحرب، وهو بالنسبة لها “أم المعارك”، لأن المدينة تشكل القلب النابض للنشاط البحري التجاري الأوكراني، والسيطرة عليها تعني السيطرة على نحو ثمانين في المئة من ساحل أوكرانيا على البحر الأسود، وبسقوط المدينة تكون روسيا قد خنقت الاقتصاد الأوكراني، وسيسمح لها بأن تقول للشعب الروسي أن الحرب حققت أهدافها الميدانية، وبالتالي البدء في المرحلة التالية، وهي العملية السياسية من خلال المفاوضات بين الجانبين بشأن مستقبل العلاقات بين البلدين. إذ إن وقوع مدينة ماريوبول في قبضة القوات الروسية، واستكمال السيطرة على بقية المناطق في جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك في إقليم دونباس يعطي موسكو ورقة مهمة في المفاوضات.

 ووفقاً لمحللين غربيين، فإن الرئيس الروسي يسعى لتحقيق نصر في دونباس قبل العرض العسكري في التاسع من مايو/أيار المقبل في الساحة الحمراء، في ذكرى الانتصار على النازية في الحرب العالمية الثانية.

 بالتزامن مع هذا التطور الميداني، تحركت موسكو على الخط الدبلوماسي لتحريك المفاوضات مع الجانب الأوكراني؛ إذ أعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن روسيا “سلمت أوكرانيا مسودة وثيقة صيغة واضحة للتوصل إلى اتفاق .. والكرة الآن في ملعب كييف، وننتظر منها جواباً”، فيما شككت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بنوايا كييف وقدرتها على اتخاذ قرار مستقل، مشيرة إلى أن “واشنطن والناتو يديران العملية وليس الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي”.

 من الواضح أن روسيا مصّرة على تحقيق أهدافها سلماً أو حرباً، وهي تخوض المعركتين بالتوازي، وتدرك أيضاً أن الولايات المتحدة والدول الغربية سوف تضغط على كييف لعدم الامتثال لشروط التسوية، وستواصل تحريضها على القتال وتزويدها بالسلاح ووعود الدعم الأخرى.

 لكن في نهاية المطاف لا بد من تسوية، ولا بد أن يفرض ميزان القوة نفسه في الميدان وعلى طاولة المفاوضات، إيذاناً ببداية نهاية النظام الدولي الحالي.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

رهان أمريكا على الهدنة

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج الشرق اليوم- فرضت غزة نفسها بقوة على صانع القرار …