الرئيسية / مقالات رأي / ماذا لو فاجأنا بوتين مرة ثانية!

ماذا لو فاجأنا بوتين مرة ثانية!

بقلم: محمد خلفان الصوافي – العرب اللندنية


الشرق اليوم – كل الإجراءات التي اتخذتها الدول الغربية ضد الحملة العسكرية الروسية لم توقف تقدم قواتها والتوسع في عملياتها في أوكرانيا، بل إن المؤشرات تنبئ بأن الرئيس فلاديمير بوتين لا يفكر حتى في التراجع عن هدفه من الغزو، وهو تحييد أوكرانيا كي لا تفكر مرة ثانية في الانضمام إلى حلف الناتو.
وإلى الآن لا يزال الغرب، ولاسيما الولايات المتحدة، ولأسباب غير معلومة لدى أغلب الناس، يعمل على استفزاز بوتين من خلال مجموعة من التصرفات منها استمرار التوسع في تطبيق العقوبات، مع إدراكه أن تأثير العقوبات محدود في دولة ليس لديها تعاملات خارجية كبيرة. ومنها أيضاً تقديم دعوات لانضمام دول أخرى مجاورة لروسيا إلى حلف الناتو، من بينها دول البلطيق وفنلندا والسويد. أضف إلى ذلك عدم التحرك دبلوماسياً تجاه التهدئة في الملف المتصاعد سلبياً بما يوازي حجم التداعيات الكارثية لأوكرانيا، وكأن الولايات المتحدة تسعى لزيادة توريط روسيا على حساب الشعب الأوكراني، وربما على حساب أوروبا أيضاً.
مثل هذا الوضع يؤدي إلى تعقيد الأزمة بطريقة تختلف عن فترة ما قبل فرض العقوبات، فاستمرار حالة الاستفزاز الغربي غيرت طريقة تفكير الرئيس بوتين، ليصل به الأمر مؤخراً إلى إصدار أوامره بأن يكون السلاح النووي على أهبة الاستعداد. ومع أن فرضية استخدام هذا السلاح غير مرجحة إلا أن السلاح النووي موجود، وقد يفاجئ به العالم مرة ثانية مثلما فاجأهم في المرة الأولى بالتدخل في أوكرانيا.
أغلب المحللين والمراقبين الدوليين، وحتى مراكز صناعة القرار الدولي، أساؤوا تقدير وتقييم ردة فعل روسيا بشن حرب على أوكرانيا، لذلك وجب الحذر من تكرار خطأ إساءة تقدير الموقف بشأن إمكانية توسعة الحرب أو تغيير في تكتيكاتها بما فيها استخدام الأسلحة النووية.
عدم ترك خيار آخر أمام بوتين وإغلاق السبل أمامه للحفاظ على “ماء الوجه” يخشى أن تكون نتيجته التصعيد.
المناخ الدولي المشحون يحتاج إلى دبلوماسية هادئة لا تتأثر بالتصريحات المتوترة والقائمة على ردود الفعل والشحن الإعلامي، ويحتاج إلى حكمة سياسية تتحرك بما تعتقد أنه يعمل لصالح البشرية جمعاء وتخدم الاستقرار والأمن العالميين، لأن ما يحدث الآن ضار بالجميع، بما في ذلك الغرب نفسه، وينطوي على مشاعر عالية من الكراهية والعداء المتبادل طالت الشعوب قبل السياسيين.
دولة الإمارات هي واحدة من دول العالم التي لم تنحز مع طرف ضد الآخر في هذه الحرب، وهذه عقلانية كبيرة. وقدمت الإمارات بذلك موقفاً يؤكد أنها أكثر اتزانا في التعامل مع أخطر أزمة سياسية يمر بها العالم بعد الحرب العالمية الثانية، لأنها تدرك تبعات ما يحصل، وتعلم أن الأمر يحتاج إلى هدوء وثقة للتعامل مع الطرفين الحقيقيين في هذه الأزمة الخطيرة، وهما الولايات المتحدة وروسيا، أما أوكرانيا فهي ليست سوى ضحية يدفع رئيسها الثمن.
قد تكون الإمارات دولة متوسطة الحجم في تصنيف السياسة الدولية مقارنة بغيرها من دول العالم على المستوى الدولي والإقليمي، ولكنها دولة تملك العديد من الإمكانيات السياسية والاقتصادية، وحتى العسكرية، تمكنها من التأثير في القرارات الدولية، وتدفعها للتحرك بما يخدم الاستقرار والأمن الدوليين. وهي قبل ذلك كله دولة تحظى بتقدير واحترام المجتمع الدولي، ومن ضمنه الدول الكبرى، في تحركاتها السياسية والدبلوماسية.
علينا أن نمنح الدبلوماسية العقلانية فرصة للعمل على احتواء الأزمة، لأن البديل كارثة للعالم أجمع بما في ذلك الخصمين الكبيرين في الحرب؛ الولايات المتحدة وروسيا.

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …