الرئيسية / مقالات رأي / السباق السياسي في أستراليا

السباق السياسي في أستراليا

بقلم: مايكل ميلر – صحيفة “الاتحاد”


الشرق اليوم – بعد ثلاث سنوات من التغييرات المفاجئة وبعض الهزائم المدوية، بدأ السباق الانتخابي من جديد في أستراليا. وبينما نزل عشّاق الفورمولا 1 إلى ملبورن بمناسبة عودة هذه الرياضة إلى أستراليا، عاد سباق آخر طال انتظاره إلى الحياة حينما أعلن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون عن إجراء الانتخابات الفدرالية في 21 مايو المقبل. الإعلان يعني لدى ائتلاف موريسون المحافظ الحاكم حملة على مدى ستة أسابيع لتجاوز حزب العمال المعارض، الذي يتقدم في استطلاعات الرأي.
وفي مؤتمر صحفي في كانبيرا، قدّم رئيسُ الوزراء لمحةً صغيرة عما سيكون موضوعاً للحملة الانتخابية، أي الاعتراف بالأخطاء مع تحذير الناخبين من التغيير، إذ قال: «إنه اختيار بين حكومة تعرفونها ومعارضةً عماليةً لا تعرفونها». والحال أن ما يعرفه الأستراليون عن موريسون هو ما يمكن أن يمثّل أكبر مشكلة للائتلاف في وقت تؤثّر فيه القضايا والأزمات التي أسيئت إدارتها والهجمات من داخل حزبه على شعبية رئيس الوزراء نفسه. ويقول يول ويليامز، أستاذ العلوم السياسية بجامعة غريفيث في بريسبن: «قلما رأينا زعيماً يفقد احترام الجمهور بهذه السرعة»، مضيفاً أن فرص موريسون تبدو «ضئيلةً جداً».
غير أن رئيس الوزراء تحدى استطلاعات الرأي في عام 2019، وهو لديه الآن عدد من العوامل التي تصب في مصلحته. فأستراليا شهدت وفيات قليلة نسبياً جراء فيروس كورونا مقارنةً ببلدان أخرى. واقتصادها تعافى أيضاً من الجائحة بشكل أحسن من معظم البلدان، بمعدل بطالة يبلغ 4٪ فقط. وفي هذه السياق، قال موريسون بغير قليل من التباهي خلال إعلانه عن موعد الانتخابات: «إن تعافي أستراليا يتصدر العالم في كل المقاييس تقريباً، إن في معدلات الوفيات جراء كوفيد-19، أو معدلات التلقيح، أو النمو الاقتصادي، أو نمو الوظائف، أو مستويات الدَّين العام».
غير أن المزاج في البلاد تغيَّر منذ أكثر من عام بقليل، حينما بدا أن موريسون يتحين إعادة الانتخاب. وفي الوقت نفسه كانت أستراليا قد أصبحت خالية تقريباً من الفيروس، والغضب من طريقة تعاطي موريسون مع حرائق الغابات المدمرة في أواخر عام 2019 وأوائل 2020 قد خفَّت شيئاً ما. لكن الطرح البطيء للقاح، وعدم وضوح الرسالة، أعقبتهما زيادة في عدد الإصابات بفيروس كورونا قلبت مقاربةَ «صفر كوفيد» الأستراليةَ.
وعلاوة على ذلك، عاودت الاتهامات بسوء إدارة الأزمات الظهور خلال الأشهر الأخيرة، عندما انتُقد رئيسُ الوزراء بسبب تأخره في الرد على الفيضانات المدمرة، إذ احتاج أكثر من أسبوع لإعلان حالة طوارئ وطنية. وفضلا عن ذلك، فإن الفضائح التي هزّت الحكومة أضرت بمكانة موريسون أيضاً، وخاصةً بين النساء، مما أثار احتجاجات على الصعيد الوطني. وفي الأخير، استقال وزير بعد أن اتهم بارتكاب اعتداء ضد امرأة. كما تنحى وزير آخر بعد الادعاء بأنه شخص متعسف، وهو ما أنكره أيضا.
ولعل الأكثر إضراراً هو سلسلة مطردة من القصص التي أضعفت مصداقية موريسون، كما يقول خبراء سياسيون. فأولاً، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هو الذي اتهم موريسون بالكذب في أكتوبر الماضي على خلفية صفقة الغواصات التي ألغيت. ومؤخراً أتت اتهامات بعدم الصدق من داخل ائتلاف موريسون نفسه. وفي فبراير الماضي، وُوجه رئيس الوزراء خلال مؤتمر صحفي برسائل نصية مسربة قيل إنها تبودلت بين أحد وزرائه ورئيسة وزراء ولاية سابقة من حزبه الحزب الليبرالي.
وفيها، اتهمت رئيسة وزراء ولاية نيو ساوث ويلز آنذاك غلاديز بيريجيكليان رئيسَ الوزراء موريسون ب«نشر الأكاذيب» عنها. وفي نص مسرب آخر، اتهمه الرجل الذي سيصبح لاحقاً نائب رئيس الوزراء ب«الكذب». موريسون نفى الادعاءات جملة وتفصيلا، لكن الهجمات على مصداقيته يمكن أن تترك تأثيرها يوم الاقتراع، كما يقول خبراء. وفي هذا الصدد، قالت كاترينا لي كو، أستاذة العلوم السياسية بجامعة موناش في ميلبورن، «إن الدعاية السيئة التي تلقاها تترك تأثيرها وتترك صدى بين الناخبين في الوقت الراهن»، مضيفةً: «وأعتقد أنه سيكون لها هذه المرة تأثير أكبر مما رأينا في الانتخابات السابقة».
البداية الرسمية للحملة الانتخابية تزامنت مع أول سباق فورمولا 1 في أستراليا منذ ثلاث سنوات، حيث توقفت القنوات التلفزيونية عن تغطية سباقات «الجائزة الكبرى» لإظهار موريسون على متن سيارته لرؤية الحاكم العام، ممثل الملكة في أستراليا، الذي طلب منه حل البرلمان. الحل سيعني تولي حكومة تصريف أعمال مقاليد الحكم إلى ما بعد الانتخابات.

شاهد أيضاً

إسرائيل تختار الصفقة بدلاً من الرد الاستعراضي

بقلم: علي حمادة – صحيفة النهار العربي الشرق اليوم– تجنبت ايران رداً إسرائيلياً استعراضياً يفرغ …