الرئيسية / مقالات رأي / أرقام «أوبك» المتغيرة

أرقام «أوبك» المتغيرة

بقلم: وائل مهدي – الشرق الأوسط


الشرق اليوم – للذين لا يعرفون شيئاً عن سوق النفط، دعوني أخبركم عن أهم شيء يحرك أسعار النفط صعوداً وهبوطاً، إنها المعلومات والأرقام.
بالنسبة للأرقام، فإن السوق يتفاعل مع كل الأرقام التي تصدر من وكالات أنباء أو تصريحات رسمية حتى تقارير رسمية من جهات معتمدة مثل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ووكالة الطاقة الدولية أو إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
لكن هناك صراعاً دائماً لا يتغير بين «أوبك» ووكالة الطاقة والإدارة حيث يعتمد كل منهم على منهج مختلف في كيفية حساب العرض والطلب.
والمسألة ليست بتلك البساطة، ولا بذلك الحياد، فالسوق تحركه المصالح من قبل الدول والأفراد، ولكل طرف أرقامه الخاصة التي يعتمدها. فعلى سبيل المثال، تهتم دول «أوبك» بأرقامها، بينما تهتم الدول المستهلكة بأرقام وكالة الطاقة، بينما تهتم الحكومة الأميركية بأرقام إدارة معلومات الطاقة.
وإذا نظرنا إلى «أوبك»، فهناك نوعان من الأرقام التي تعتمدها المنظمة عند احتساب أرقام إنتاجها. الأول هو الأرقام التي ترسلها «أوبك» مباشرة إلى السوق، والنوع الثاني هو الأرقام التي تحتسبها «أوبك» بناء على تقييم مصادر السوق الثانوية، ومن بينها وكالة الطاقة الدولية، خصم «أوبك» الأول.
وهنا يحق لنا أن نسأل؛ أليس من الغريب أن تلجأ «أوبك» إلى مصادر ثانوية في السوق لمعرفة ما ينتجه أعضاؤها؟ هذا الأمر ليس بالغريب إذا ما عرفنا الخلفيات التاريخية.
من المؤسف أن بعض دول «أوبك» تبالغ في أرقامها أو تتلاعب بها لمصالح وقتية مثل الحصول على حصة أكبر من الإنتاج عند تقسيم الحصص في كل اتفاق، أو عندما تنتج دولة أكثر من حصتها ولكنها تريد إخفاء هذا الأمر عن باقي المنظمة.
هذه الأساليب هي السبب وراء اعتماد «أوبك» قبل عقدين تقريباً أو أكثر بقليل تضمين أرقام مصادر السوق ضمن حسابتها للإنتاج في كل اتفاق.
في وقت من الأوقات، كانت مصادر السوق الستة التي اعتمدتها «أوبك» ذات مصداقية أعلى بكثير من اليوم، عندما كانت حساباتهم تعتمد على التقصي والتدقيق، لأنهم يخدمون مصالح شركات تجارة النفط وغيرها التي لا يهمها الدوافع السياسية خلف أرقام هذه الجهة أو تلك.
والآن وبعد سنوات طويلة من الاعتماد على أرقام وكالة الطاقة الدولية، قررت «أوبك» استبدالها بمصدر جديد، وهو شركة ريستاد للاستشارات وأبحاث السوق.
للذين لا يحبون وكالة الطاقة الدولية والدوافع السياسية خلفها وخلف أرقامها، قد يبدو هذا خبراً جيداً. بالنسبة لي فالأمر سيّان، لأن مصادر السوق الستة أصبحت عبارة عن مجموعة من الأشخاص الذين يخاطبون الدول ويأخذون الأرقام منها مع بعض التغييرات.
وفي بداية اتفاق تحالف «أوبك بلس» كان وزير الطاقة السعودي حينها خالد الفالح يحاول الدفع باحتساب الصادرات النفطية كمعيار أفضل من أرقام الإنتاج المبنية على المصادر الستة، لكن كثيراً ممن عارضوه رأوا أن هذا أمر غير عملي، كما أن الجهات التي تقوم باحتساب الصادرات قليلة.
ومع اختلاف المصادر، ستتغير أرقام «أوبك»، وسيظل الوضع مثل ما هو عليه ولن توجد جهة واحدة في السوق تتمتع بمصداقية يتفق عليها الجميع، وسنظل في هذا الصراع السرمدي لمعرفة حقيقة إنتاج الدول نهاية كل شهر إلى أن تكون السعودية من ينتج آخر قطرة من النفط كما يقول وزراؤها.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …