الرئيسية / مقالات رأي / مركزية المملكة في تعزيز الاستقرار الدولي

مركزية المملكة في تعزيز الاستقرار الدولي

بقلم: د. إبراهيم النحاس – صحيفة “الرياض”

الشرق اليوم – القدرات الصلبة والإمكانات الحقيقية والاستقرار السياسي الدائم -وليست الأهواء والرغبات والأمنيات- هي التي تحدد مكانة الدول وأهميتها ووزنها وتأثيرها في المجتمع الدولي. فإن توفرت وتحققت هذه المعايير الصلبة والمهمة على مدى فترات زمنية ممتدة ومتصلة على مدى عقود بعيدة في أي دولة، فإن تلك الدولة ستكون لها مكانة عالية وميزان كبير وتأثير فعال في المجتمع الدولي على كافة المستويات ومعظم المجالات. أما إن غابت تلك المعايير الصلبة والمهمة عن أي دولة، فإن تأثير قراراتها لن يتجاوز حدودها الجغرافية. إذاً نحن أمام معايير عامة تُحدد فِعلياً حجم ومكانة وأهمية وميزان أي دولة في المُجتمع الدولي، وتأثيرها الفعلي في حركة السياسة الدولية، مما يعني أهمية المعرفة الدقيقة بمكانة وحجم وميزان وتأثير الدول في السياسة الدولية ليتمكن الجميع من معرفة مكانة الدول الحقيقية بعيداً عن الشعارات العاطفية والخطابات السياسية المُضللة. فإذا كانت تلك المعايير الصلبة مُحدداً رئيسياً لمعرفة مكانة وميزان الدولة في المجتمع الدولي، فإنها -هذه المعايير الصلبة- أوضحت المكانة العليا للمملكة في المجتمع الدولية، وأثبتت أهميتها وميزانها الرفيع في السياسة الدولية على جميع المستويات وفي معظم المجالات الرئيسية.

نعم، للمملكة -مُنذُ التأسيس- مكانة عُليا وأهمية كبيرة في المُجتمع الدولي، وميزانها رفيع في السياسة الدولية نتيجة لقدرتها العظيمة في البناء التدريجي لقدراتها، ولعقلانية قراراتها، وسلامة توجهاتها، ووحدة مجتمعها، مما أكسبها استقراراً سياسياً واجتماعياً ميَّزها عن غالبية دول العالم. وإيماناً يقينياً بالمكانة العالية والرفيعة التي وصلت لها المملكة بما بذلته من جهود عظيمة وسياسات حكيمة وقرارات رشيدة على مدى عقود، أصبحت عضواً رئيسياً في مجموعة العشرين لأكبر اقتصاديات العالم. وهنا قد يرى البعض بأن هذه مُسلمات معلومة عن المملكة وما وصلت له من مكانة رفيعة في المجتمع الدولي، وهذا صحيح من الناحية النظرية والعملية، إلا أن الذي يجب الإشارة إليه والتأكيد عليه هو تلك الأدوار الرئيسية والمركزية والعظيمة التي تقوم بها المملكة في سبيل المحافظة على استقرار المجتمع الدولي، والتي -للأسف- لا يُشار إليها بعمق، أو يتم تجاهلها عن قصد، بهدف التقليل من مكانة المملكة، أو الإساءة لها أمام الرأي العام العالمي.

نعم، لقد تكاسلت كثيراً تلك الأصوات الصديقة -وتجاهلت عمداً تلك الأصوات المعادية- الإشارة للأدوار الرئيسية والمركزية والعظيمة التي لعبتها سياسة المملكة على مدى عقود في سبيل المحافظة على أمن وسلامة واستقرار المجتمع الدولي على جميع المستويات وفي كل المجالات. فإن كان البعض يستصعب استرجاع التاريخ للاستدلال على تلك الجهود العظيمة للسياسية السعودية، ففي الحاضر شواهد وأدلة تُعبِر بجلاء عن الأهمية العظيمة للمملكة في تعزيز الأمن والسلم والاستقرار الدولي. فإن كان الإرهاب سبباً لزعزعة أمن واستقرار الدول والمجتمعات، فإن المملكة تصدرت فعلياً موقع الريادة العالمية في محاربة الإرهاب ومواجهة التنظيمات والمليشيات والجماعات والأحزاب الإرهابية، وبذلت في سبيل ذلك الجهود البشرية والمادية والأمنية والعسكرية لينعم العالم بالأمن، والمجتمعات بالسلم، والدول بالاستقرار السياسي والاقتصادي. نعم، لقد تصدرت المملكة موقع الريادة في محاربة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره، في الوقت الذي تصالحت مع ذلك الإرهاب ودعاة التطرف دول وقوى عظمى -لأجل مصالحها الاقتصادية ومكاسبها المادية وحساباتها الداخلية- في تجاهل مباشر لخطر ومخاطر الإرهاب والنظم السياسية التي ترعاه وتموله وتدعمه. إنها القيم والمبادئ السَّامية التي تؤمن بها المملكة وتحث عليها في سبيل مواجهة سبل الشر والضلال والتدمير من أجل المحافظة على كرامة الإنسان وحفظ أمنه وصيانة دمائه بغض النظر عن دينة وعرقه وهويته. وإذا كانت مواجهة الإرهاب سياسة قائمة وثابتة للمملكة، فإن لنجاح المملكة العظيم في مواجهة الإرهاب والإرهابيين ووقف تمددهم دولياً، ووقفهم من تهديد أمن وسلامة الملاحة العالمية أثراً مباشراً على استقرار الاقتصادات الدولية، مما يعني مزيداً من استقرار المجتمعات نتيجة لنمو الاقتصادات العالمية بسبب ضمان مصادر الطاقة والمحافظة على أسعار مناسبة للمنتجين والمستهلكين. وهنا تتجلى مركزية وعظمة الأدوار التي تقوم بها سياسة المملكة في تعزيز الأمن والاستقرار العالمي.

وإن كانت الأوبئة والمجاعة والفقر وغياب التنمية البشرية والاقتصادية سبب رئيس في زعزعة أمن واستقرار المجتمعات، وتفشي للأوبئة المعدية والقاتلة التي تضر البشرية وتؤثر سلباً في نمو الاقتصاديات الدولية، فإن المملكة تصدرت الريادة العالمية في المجالات الإنسانية للمحافظة على كرامة الإنسان أولاً، ومن ثم المساهمة المباشرة في حفظ أمن وسلم واستقرار تلك المجتمعات الفقيرة والمهمشة في أماكن جغرافية مختلفة. إنها القيم والمبادئ الإنسانية العليا التي تؤمن بها سياسة المملكة وتحث عليها في سبيل تحقيق التنمية البشرية ليتحصل الإنسان -أياً كان دينه أو عرقه أو لونه أو مذهبه- على حقوقه الإنسانية كاملة ليتمكن من بناء وتنمية مجتمعه، وليكون قادراً على المحافظة على أمن وسلامة مجتمعه واستقرار ودولته. وإذا كانت المساعدات الإنسانية العظيمة التي قدمتها المملكة نابعة من إيمانها العظيم بحقوق الإنسان، فإنها ساهمت مساهمة مباشرة في تعزيز الأمن والسلم والاستقرار الدولي بشكل غير مباشر عندما استقرت تلك المجتمعات ضعيفة التنمية بسبب المساعدات العظيمة التي قدمتها المملكة لتلك الشعوب والمجتمعات الفقيرة. وهنا تتجلى مركزية وعظمة الأدوار التي تقوم بها سياسة المملكة في تعزيز الأمن والاستقرار العالمي عندما حافظت على حقوق الإنسان في كل مكان.

إن مركزية المملكة في تعزيز الأمن والسلم والاستقرار الدولي تتجلى مباشرة في حمايتها ودفاعها عن أمن وسلامة العرب من تدخلات إيران ومن ممارساتها الإرهابية والمتطرفة، وفي حمايتها وخدمتها لمقدسات المسلمين وصد عدوان المعتدين من الإرهابيين وحلفائهم الإقليمين والدوليين، وفي تمكنها من المحافظة على أمن وسلامة الملاحة البحرية الدولية، وضمانها لسلامة مصادر الطاقة العالمية، واستقرار أسعارها، مما مكن الاقتصادات الصناعية والمتقدمة من مواصلة عجلة إنتاجها وساهم في استقرار المجتمعات واستفادة البشرية جمعاء.

وفي الختام، من الأهمية القول إن على أبناء الأمة العربية والإسلامية إدراك أن المملكة تقود حربهم المصيرية في مواجهة الإرهاب الذي تقوده إيران بهدف زعزعة أمن وسلامة واستقرار المجتمعات العربية والإسلامية بدون استثناء. فإن أدرك العرب والمسلمون هذه الحقيقة الجلية، فعليهم الاصطفاف مع المملكة التي تقود حربهم المصيرية مع إيران المتطرفة وحلفائها الإرهابيين؛ وإن لم يدركوا ذلك بجهلهم عواقب الأمور، فسيكونون ضحايا لإرهاب وتطرف إيران، ولتدخلاتها المزعزعة لأمن وسلامة واستقرار مجتمعاتهم ودولهم. وما يمكن قوله لكل جاهل بسياسات إيران المتطرفة، فيمكن قوله لجميع الأطراف الدولية الجاهلة بنوايا إيران «الخمينية» التي لن تتوقف عن زعزعة أمن وسلامة واستقرار العالم أجمع.

شاهد أيضاً

روسيا التي لا تساند أحداً… علاقة غير عادلة مع إيران

بقلم: يوسف بدر – النهار العربي الشرق اليوم– في مقالته في صحيفة “وول ستريت جورنال” …