الرئيسية / دراسات وتقارير / اقتصاد روسيا في خطر

اقتصاد روسيا في خطر

الشرق اليوم- في تذكير لمدى قوة العقوبات الغربية على موسكو، قال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إن اقتصاد روسيا – الذي كان في المرتبة 11 في قائمة الاقتصادات العالمية الكبرى قبل الحرب، قريبا، لن يصنف حتى بين أفضل 20 اقتصادا عالميا”.

وتحمل كلمات الرئيس، التي أجملها في تغريدة قصيرة، تحذيرا لموسكو، التي تحاصرها العقوبات العالمية بسبب إقدامها على غزو أوكرانيا.

الاقتصاد الروسي قبل الغزو

تدهور الاقتصاد الروسي كثيرا على مر التاريخ، فقد كان خامس أكبر اقتصاد في العالم في عام 1913، وفقا لموقع Brink الاقتصادي، بعد الولايات المتحدة والصين وألمانيا وبريطانيا في ذلك الوقت، لكن بحلول عام 1957، كان الاقتصاد السوفيتي ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد أمريكا.

تم انتخاب فلاديمير بوتين رئيسا لروسيا بعد فترة من وقوع التفكك الفوضوي للاتحاد السوفيتي، وبعد وقوع الأزمة المالية لعام 1998 التي تخلفت فيها روسيا عن سداد ديونها، بحسب الموقع.

في ذلك الوقت، كان الناتج المحلي الإجمالي الروسي من حيث القيمة السوقية قد وصل إلى أدنى مستوى له عند 210 مليار دولار أمريكي، مما جعلها تحتل المرتبة 24 بين أكبر الاقتصادات في العالم.

وبعد انهيارات متعددة، استعاد الاقتصاد الروسي زخما قادته إجراءات إصلاحية وفتحه أمام الاستثمار.

وبالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، روسيا هي في المرتبة الحادية عشر في قائمة أكبر اقتصادات العالم، أصغر بنحو 25 بالمئة من إيطاليا، و20 بالمئة من كندا، وهما دولتان أصغر من روسيا بكثير واحدة بالمساحة، والثانية بالسكان، وفقا لبيانات البنك الدولي لعام 2020.

ووفقا لهذه البيانات، بلغ حجم GDP أو الناتج المحلي لروسيا في 2020 أقل من 1.5 ترليون دولارا.

وتقول شبكة CNN إن اقتصاد روسيا أصبح في المرتبة 12 عالميا، قبل غزوها لأوكرانيا.

وإذا حدث ما يتوقعه الرئيس الأمريكي، وتراجعت روسيا لأقل من المرتبة العشرين في القائمة، فإن هذا يعني نزولها إلى مستوى بولندا، في عام 2020، بنحو 500 مليار دولار كناتج محلي إجمالي.

بعد العقوبات

إن نظرة على مكونات الاقتصاد الروسي تجعل توقعات الانكماش الكبيرة المقبلة واقعية للغاية، وتعزز ما يقوله بايدن.

ويقول موقع Brink الاقتصادي المتخصص إنه “مع العقوبات الأجنبية التي أدت إلى تدهور الروبل الروسي، فإن المكانة الاقتصادية الروسية تتراجع أكثر، وإذا تم قياس الاقتصاد الروسي وفقا لأسعار الصرف الحالية، فسيكون الاقتصاد الثاني والعشرين عالميا، حيث لا يزيد الناتج المحلي الإجمالي (GDP) كثيرا عن اقتصاد ولاية أوهايو”.

ويتوقع عدد من المؤسسات الاقتصادية أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بنسبة 15 في المئة هذا العام، وهي نسبة مرتفعة للغاية.

بشكل كبير، تعتمد روسيا على تصدير الغاز الطبيعي والنفط، وهي أكبر مصدري الغاز في العالم وثاني أكبر مصدري النفط العالميين بعد السعودية، في عام 2020.

ويقول موقع Investopedia الاقتصادي المتخصص: إن “الناتج المحلي الإجمالي لروسيا يتكون بشكل أساسي من ثلاث قطاعات هي الزراعة والصناعة والخدمات.

ويشكل القطاع الزراعي أقل من 4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تشكل الصناعة والخدمات 30 بالمئة و 56.3 بالمئة على التوالي.

ويتكون قطاع الصناعة، بحسب الموقع، من واردات التعدين والتصنيع والبناء، والكهرباء، والمياه والغاز.

وتضرب العقوبات الأمريكية بشدة على قطاعي الصناعة والخدمات، الأكبر في روسيا.

ويقول موقع Boston Globe إن بعض القطاعات تضررت بشدة منذ الآن، مثل شركات الطيران وشركات بناء السيارات.

وأدى القرار الروسي برفع نسبة الفائدة من 9.5 بالمئة إلى 20 بالمئة إلى بدء ما يعتقد أنه سيكون كسادا كبيرا جدا يضرب الاقتصاد الروسي، حيث عرقلت الفائدة الكبيرة توقعات النمو لهذا العام والعام المقبل.

وقالت شبكة CNN نقلا عن جيسون فورمان، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين في إدارة أوباما أن “روسيا غير مهمة بشكل لا يصدق في الاقتصاد العالمي باستثناء النفط والغاز”.

الاقتصاد الروسي بعد الحرب

روسيا مدينة بعدد كبير من مدفوعات الديون على السندات الدولارية طوال بقية العام. أكبرها هو استحقاق يزيد عن 2 مليار دولار، يلوح في الأفق في 4 أبريل.

وتمتلك روسيا المال، لكن العقوبات الأميركية تعطل وصول روسيا إلى احتياطاتها المالية، ويعني تخلفها عن السداد انخفاضا كبيرا في القيمة الائتمانية للاقتصاد الروسي، وتناقص قيمة سندات الخزانة التي تصدرها، وإضعاف ثقة المستثمرين باقتصادها لأعوام قادمة.

ووفقا لتصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، فإن قرار تجميد الاحتياطات الروسية كان “مفاجئا” للكرملين”.

وتقول صحيفة واشنطن بوست الأميركية إن الخطوات التي اتخذتها روسيا لمواجهة العقوبات، ومنها رفع أسعار الفائدة إلى 20 بالمئة لمنع العملة الأجنبية من التسرب من البلاد، سيكون لها “تداعيات تستمر لعقود” على الاقتصاد الروسي.

وتضيف الصحيفة “يبدو مستقبل روسيا الاقتصادي قاتما، حيث يتوقع الاقتصاديون انخفاضا بنسبة 15 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي هذا العام”.

وأكدت “فيما أنه “من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان ألم العقوبات سيجبر بوتين على التراجع، كما أننا لا نعرف ما إذا كان الألم الاقتصادي سيحفز الروس على الاحتجاج، لكن لا يمكن أن يكون هناك شك في العواقب الاقتصادية الطويلة الأجل المترتبة على الحرب المالية التي تشن ضد روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.

ضربت العقوبات قطاع البنوك الروسي بشدة

وتوقعت مؤسسة Heritage بأن اقتصاد روسيا سيمر بفترات أكثر اضطرابا بكثير من مجرد مشاكل التضخم والبطالة التي يعانيها الآن مع فرض العقوبات.

وفي تقييمه الأخير للعقوبات، لخص صندوق النقد الدولي أثرها الأولي بالإشارة إلى أن “العقوبات المعلنة ضد البنك المركزي للاتحاد الروسي ستقيد بشدة وصوله إلى الاحتياطيات الدولية لدعم عملته ونظامه المالي”.

وأشار صندوق النقد الدولي كذلك إلى أن “العقوبات الدولية على النظام المصرفي الروسي واستبعاد عدد من البنوك من سويفت قد عطلت بشكل كبير قدرة روسيا على تلقي مدفوعات مقابل الصادرات ودفع ثمن الواردات والانخراط في المعاملات المالية عبر الحدود”.

ويقول الموقع إن العقوبات ضربت الاقتصاد الروسي بعمق أدى إلى إغلاق المصانع، وفقدان الوظائف، ومضاعفة أسعار الفائدة، وانخفاض الروبل وكل ذلك تفاقم بسبب ارتفاع التضخم.

ويضيف إنه لا يزال من السابق لأوانه تقييم التأثير الكامل لهذه العقوبات، ولكن كان هناك بالفعل ضغط هبوطي حاد على الأسواق المالية والاقتصاد الروسي.

ويقول الموقع إنه في ضوء أن الاقتصاد الروسي يفتقر بشدة إلى “المرونة الاقتصادية” فإن العقوبات ستكون ضارة بشكل كبير جدا.

ووفقا لمؤشر الحرية الاقتصادية التابع لمؤسسة هيريتيج فاونديشن، وهي دراسة معيارية عالمية سنوية تقيس وتقارن الحوكمة الاقتصادية في البلدان في جميع أنحاء العالم، كان الاقتصاد الروسي إلى حد كبير في وضع إما “غير حر في الغالب” أو “مكبوت”.

وأكد الموقع “لطالما أدى الفساد المستشري والافتقار إلى الحرية الاقتصادية إلى إضعاف أساس الاقتصاد الروسي، مما يجعله عرضة إلى حد كبير للصدمات الخارجية”.

المصدر: الحرة

شاهد أيضاً

“يديعوت أحرونوت”: توازن رعب جديد بين إيران وإسرائيل

بقلم: يوسي يهوشواع الشرق اليوم- إنه لسنوات عديدة لم تهاجم إيران إسرائيل بشكل مباشر، ومنذ …