الرئيسية / الرئيسية / L’Obs: الحرب في أوكرانيا.. الخطوط البيض من أجل خفض التصعيد؟

L’Obs: الحرب في أوكرانيا.. الخطوط البيض من أجل خفض التصعيد؟

بقلم: إيمانويل فاتاناسينه

الشرق اليوم- من يستمع إلى المعلقين الأوروبيين، يكاد يحسب أن هناك حربا شاملة ضد الشعب الروسي، مع أنها ضد الرئيس فلاديمير بوتين وحده، فهو من يحلم الغرب الآن بصوت عال بإسقاطه، رغم أنه لم يكن أقل “شراسة” في الشيشان وجورجيا وسوريا وفي دونباس والقرم.

إن بوتين، مدفوعا بتفوقه الإستراتيجي في عدد من المجالات، ارتكب سلسلة من الأخطاء السياسية التي تدفع بلاده ثمنها باهظا من حيث التنمية والمكانة الدولية.

ومع أن الانتقال إلى المستوى الثاني بتسليم الطائرات ومقاطعة الغاز والنفط الروسي، مع تهديد الصين بفرض عقوبات إذا تعلق الأمر بمساعدة روسيا، يمكن أن يؤدي في النهاية إلى إسقاط بوتين فإن رفع الغرب تكلفة الحرب على الجانب الروسي، سيدفع موسكو إلى رفع أهدافها الحربية بشكل متناسب، حتى لا تذهب تضحياتها سدى.

إن من مصلحة الغرب أن تبقى روسيا قوة -في حدود معقولة بالطبع- خاصة أن خفض التصعيد شرط في إعادة إطلاق اتفاقية فيينا بشأن الأسلحة النووية الإيراني، حتى لا تكون هناك دول غربية وغير غربية، وتكون هناك فقط قوى تحاول وقف الانتشار النووي.

ويشار إلى أن الطموح إلى “كسب الحرب” ضد روسيا من شأنه أن يهدد بإضعاف التوازن العالمي بشدة، بإنشاء كتلة غربية مناهضة للصين، مشيرا إلى أن حصول إيران على أسلحة نووية قد يؤدي إلى نشوب صراعات نووية إقليمية مع إسرائيل أو إلى حصول الجماعات الإرهابية على هذه الأسلحة، كما سيدفع السعودية وتركيا ومصر إلى تحقيق التكافؤ الإستراتيجي.

فيمكن اقتراح قواعد إرشادية  يمكن أن توجه الغربيين في علاقتهم بروسيا.

قواعد إرشادية

النجاح السياسي ليس فقط تعظيم المكاسب التكتيكية، وهو ليس فقط مسألة خطوط حمر، بل خطوط بيض أيضا فيما يتعلق بالسلوك، وقد أشارت فيونا هيل، مستشارة البيت الأبيض لروسيا وأوراسيا لفترة طويلة، إلى أن على الغربيين أن يساعدوا بوتين على التراجع مع حفظ ماء الوجه، ولذلك دعونا نرى ما يمكن أن تكون عليه “الخطوط البيض” فيما يتعلق بادعاءات بوتين في أوكرانيا.

– يجب أن يظل الاعتراف بضم القرم من المحرمات المطلقة، وإن اعتقد البعض أن الاعتراف أو عدمه بما هو أمر واقع لا يغير شيئا، بل إن الاعتراف بأن شبه جزيرة القرم ستفتح سابقة خطيرة للأقليات الروسية في دول البلطيق ودونباس وترانسنيستريا، وحتى بيلاروسيا، أو لجمهورية قبرص التركية، علما أن العواقب مهما كانت، سيظل من المستحيل سياسيا على بوتين أو خلفائه التراجع عن عمليات الضم الجديدة، ومن المستحيل على الأوروبيين الاعتراف بها، ومن المستحيل على أي شخص إعادة احتلالها عسكريا، وفي حالة شبه القرم خاصة، فإن الخيار الأقل سوءًا هو “تجميد” وضعها، والاستمرار في اعتبارها أرضا أوكرانية محتلة بشكل غير قانوني.

– كما أن نزع سلاح أوكرانيا ليس خيارا مقبولا، لأن نزع السلاح يعتبر تاريخيا عقوبة على الدول المعسكرة التي تجاهلت أبسط قوانين الحرب، مثل ألمانيا واليابان عام 1945، ومن الواضح أن أوكرانيا لم تهاجم روسيا عسكريا قط، وأنها إذا بقيت على الحياد، لن تشكل تهديدا لأمنها.

– جعل أوكرانيا بلدا حياديا هدف قابل للتحقيق، ويساهم في الحد من مخاطر الأزمة بين روسيا وأوروبا، وذلك بمنع نشر القوات والأسلحة هناك من قبل دول ثالثة، وقد يساعد على اتفاق يقضي بأن أوكرانيا لا يمكنها الانضمام إلى الناتو ولا أن تصبح حليفا لروسيا، إلا أن حياد أوكرانيا له عدة شروط.

إخلاء روسيا للمناطق التي تحتلها عسكريا.

2 – الحفاظ على الحياد البيلاروسي، وحظر تركيب الأسلحة النووية في الإقليمين اللذين تم فيهما الاستفتاء في 27 فبراير/شباط، وكذلك إنهاء الاتحاد الكونفدرالي بين روسيا وبيلاروسيا.

3 – عودة السيادة الأوكرانية على جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الانفصاليتين، في إطار بروتوكول مينسك لعام 2014 واتفاقات مينسك الثانية لعام 2015.

الضمان العسكري للحياد الأوكراني، والمثل الأعلى هو إبرام معاهدة بين حلف شمال الأطلسي (الناتو) وروسيا في إطار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، من أجل ضمان مشترك للحياد الأوكراني والبيلاروسي، وعليه ستكون النتيجة مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا في حالة حدوث غزو جديد.

غير أن هذه النقطة الرابعة ستثير صعوبات خطيرة للناتو، أولا من قبل بولندا ودول البلطيق، ثم من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، لذلك يمكن لفرنسا وألمانيا التوقيع على معاهدة منفصلة بشأن الحياد الأوكراني والبيلاروسي من خلال التعهد بعرقلة أي دعوة توجه لهاتين الدولتين للانضمام للناتو.

إذا لم يستغل بوتين هذا الباب المفتوح أمامه، عليه أن يتذكر أزمة برلين عندما اقترح كينيدي تحييد ألمانيا، ولم يأخذ خروتشوف اليد الممدودة فأطلق الأزمة الكوبية، في مغامرة إستراتيجية كلفته وظيفته عام 1964، هذا ما يجب أن يتذكره بوتين، وهو رئيس أصغر من خروتشوف لبلد أصغر من الاتحاد السوفيتي.

ترجمة الجزيرة

شاهد أيضاً

أميركا إذ تتنكّر لتاريخها كرمى لعينيّ نتنياهو

بقلم: راغب جابر- النهار العربيالشرق اليوم– فيما تحارب إسرائيل على أكثر من جبهة، تزداد يوماً …