الرئيسية / مقالات رأي / حرب استنزاف

حرب استنزاف

الشرق اليوم- بات من الواضح وبعد مرور حوالي الشهر على الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، أن الولايات المتحدة ودول حلف الأطلسي الأخرى ليست في وارد تلبية المطالب الأمنية الروسية، كما بات واضحاً أن المفاوضات الروسية الأوكرانية الجارية حالياً بوساطة تركية هي مجرد كسب للوقت، لأن الدول الغربية تحاول الآن استخدام الحرب الأوكرانية وسيلة لتطويع روسيا من دون الدخول معها في مواجهة مباشرة.

 الولايات المتحدة وحلف الأطلسي أعلنا بشكل قاطع أنهما ليسا في وارد إرسال جيوش إلى أوكرانيا، وسيكتفيان بإرسال أسلحة متطورة مثل الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات، إضافة إلى الطائرات المسيرة “لأن عليهما أن يفعلا كل شيء لمساعدة أوكرانيا باستثناء وجود قوات على الأرض”، إضافة إلى حزمة مساعدات مالية بملايين الدولارات.

 الهدف واضح، وهو عدم تمكين روسيا من تحقيق انتصار عسكري وبالتالي إغراقها في المستنقع الأوكراني على غرار ما حدث للقوات السوفييتية ثم الأمريكية في أفغانستان، وبذلك تكون واشنطن قد حققت هدفاً استراتيجياً هو الإبقاء على النظام الدولي الحالي الذي تتربع على عرشه، والحؤول دون صعود أي قوة دولية أخرى تشارك فيه.

 إن الوثيقة التي كشف عنها موقع “أكسيوس” والتي طالب فيها أوليكسي دانيلوف سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، والموجهة إلى مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، تكشف جانباً من خطة إغراق روسيا بالمستنقع الأوكراني من خلال حرب طويلة الأمد. فقد طلب دانيلوف “تزويد بلاده بالمزيد من الدعم العسكري القوي لهزيمة العدو”، وأيضاً “تخصيص أموال إضافية لتنظيم حركة المقاومة والتشكيلات التطوعية للمجتمعات الإقليمية في جميع أنحاء أوكرانيا لدعم الخوض في حرب استنزاف طويلة الأمد”.

 إن عدم تحقيق روسيا انتصاراً سريعاً في حربها الأوكرانية كما كان متوقعاً، شجع الدول الغربية على التدخل العسكري غير المباشر من خلال تزويد أوكرانيا بما يلزم من عتاد لإطالة أمد الحرب، في حين تقول روسيا إن المعركة تسير وفق ما هو مخطط له.

 رئيس اللجنة العسكرية في الاتحاد الأوروبي الجنرال كلاوديو غرازيانو، يرى أن صمود أوكرانيا هو العامل الرئيسي الذي سيحدد مصير هذه الحرب وربما شروط إنهائها، ويقول “يجب أن نضع في حساباتنا أن مقاومة طويلة الأمد للقوات الأوكرانية ضد الجيش الروسي من شأنها أن تحدث تغييراً عميقاً في ميزان القوى بين الطرفين”، ومن وجهة نظره فإن الرئيس الروسي “كان يعتقد أن الحملة العسكرية ستكون سريعة وسهلة، وستحقق أهدافها على الفور ومن دون خسائر تذكر، لكن ما حصل هو العكس”.

 لا بدّ أن روسيا تدرك ذلك، وتضع في حسابها ما يتم التخطيط له، لذا يرى عدد من الخبراء أن الكرملين قد يعدّل من خططه، من خلال فتح جبهات جديدة انطلاقاً من بيلاروسيا لممارسة ضغط على القوات الأوكرانية في الغرب، وربما لقطع خطوط الدعم والإمداد من الحلفاء الغربيين، وبذلك يمكن تسريع وتيرة حسم الحرب.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …