الرئيسية / مقالات رأي / FPRI: ما أهمية المضائق التركية للبحرية الروسية؟

FPRI: ما أهمية المضائق التركية للبحرية الروسية؟

الشرق اليوم- بعد مرور أيام على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 27 فبراير 2022، وضع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، هذه العملية في خانة “الحرب”. حاولت الحكومة التركية أيضاً استعمال المادة 19 من اتفاقية مونترو لمنع تصعيد التوتر في البحر الأسود، وحذرت جميع الدول من إرسال أي سفن حربية إلى هذه المنطقة للحد على الأرجح من أي تصعيد بحري غربي محتمل.

قد يؤثر تطبيق المادة 19 من اتفاقية مونترو المبرمة في عام 1936 على انتشار القوة الروسية في البحر الأبيض المتوسط حتى لو اقتصرت القيود المفروضة على بضعة أسابيع، وتنظّم هذه المادة مرور السفن الحربية التابعة للقوى العدائية عبر مضيقَي البوسفور والدردنيل حين لا تكون تركيا طرفاً في الحرب، وعند اندلاع حرب مماثلة، تستطيع تركيا قانوناً أن تمنع مرور “السفن الحربية” التي تعود إلى الدول المحاربة عبر المضيقَين. بعبارة أخرى، قد تعود السفن التابعة لأسطول البحر الأسود الروسي والمنتشرة راهناً خارج البحر الأسود إلى الشمال عبر المضيقَين، وتستطيع السفن غير التابعة لهذا الأسطول المغادرة، لكن لا يمكن نقل أي سفن حربية روسية أخرى عبر المضيقَين بعد هذه المرحلة طوال فترة الحرب.

إذا أبقت تركيا مضيقَي البوسفور والدردنيل مغلقَين أمام البحرية الروسية لفترة طويلة، فقد تتأثر سريعاً مهمّتا الحفاظ على الوجود الروسي ودعم العمليات في البحر الأبيض المتوسط وفي سورية، لكن سيكون تسليم الإمدادات بحراً إلى القوات الروسية في سورية أكبر تحد تواجهه موسكو، وبالإضافة إلى مجموعة قوات العمليات في سورية، تحتفظ القوات الروسية في طرطوس بإمدادات خاصة بأسطول البحر الأبيض المتوسط، وتُسلَّم هذه الإمدادات في العادة عبر سفن أسطول البحر الأسود التي أصبحت مضطرة اليوم للبقاء في البحر الأسود، ويمكن استبدال هذه المهمة بسفن الإنزال التابعة لأساطيل أخرى، لكن ستكون المسافات التي تقطعها أكبر بكثير.

كذلك، يحتل البحر الأبيض المتوسط أهمية معينة بالنسبة إلى البحرية الروسية، فقد حصل 90% تقريباً من تدريبات البحرية التي أعلنتها وزارة الدفاع الروسية بين العامين 2014 و2021 في البحار المتاخمة لموانئ البحرية الروسية، لكن يقع أكثر من 40% من التدريبات الحاصلة في بحار بعيدة في البحر الأبيض المتوسط. شهد هذا البحر أيضاً 14 زيارة للموانئ من أصل 32 من جانب البحرية الروسية في عام 2021، بما في ذلك زيارات إلى اليونان وتركيا المنتسبتَين إلى حلف الناتو ولا ننسى قبرص، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي.

على صعيد آخر، يُعتبر أسطول البحر الأسود الأكثر حداثة من بين الأساطيل الروسية في عام 2022، فبعد 25 سنة من الإهمال تزامناً مع سيطرة أوكرانيا على شبه جزيرة القرم وفرض قيود قانونية متنوعة على إعادة تنظيم السفن القديمة في سيفاستوبول، أعطت البحرية الروسية الأولوية لاستبدال القدرات القديمة في أسطول البحر الأسود بعد ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014، ونتيجةً لذلك، تلقى هذا الأسطول عدداً كبيراً من المركبات الصاروخية الصغيرة والجديدة والغواصات العاملة بالديزل من فئة “فارشافيانكا” في آخر ثماني سنوات، لكن الوضع المستجد يعني أن إغلاق البوسفور سيبقي أحدث سفن الأسطول الروسي في بحر المنشأ.

وحتى أقصر إغلاق لمضيقَي البوسفور والدردنيل أمام البحرية الروسية قد يؤدي على الأرجح إلى زيادة التكاليف اللوجستية لصيانة الوجود الروسي الأساسي في البحر الأبيض المتوسط منذ العقد الماضي، وإذا قررت تركيا إبقاء المضيقَين مغلقَين لفترة أطول (إلى أن تسترجع كييف كامل سيطرتها على الأراضي الأوكرانية مثلاً)، فلا مفر من التساؤل عن قدرة روسيا على الاحتفاظ بأسطول البحر الأبيض المتوسط نظراً إلى الأولويات الاستراتيجية المتضاربة في الأساطيل المنتشرة شمالاً وفي بحر البلطيق والمحيط الهادئ.

ترجمة: صحيفة الجريدة

شاهد أيضاً

إسرائيل تختار الصفقة بدلاً من الرد الاستعراضي

بقلم: علي حمادة – صحيفة النهار العربي الشرق اليوم– تجنبت ايران رداً إسرائيلياً استعراضياً يفرغ …