الرئيسية / مقالات رأي / The Wall Street Journal: احتلال روسيا لأوكرانيا لن يكون سهلًا

The Wall Street Journal: احتلال روسيا لأوكرانيا لن يكون سهلًا

الشرق اليوم – يمكن أن يكون غزو بلد ما والتخلص من حكومته أمرًا سهلاً نسبيًا، ولكن على الرغم من فشل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حتى الآن في إسقاط الحكومة في أوكرانيا، فإن الاحتلال بمرور الوقت هو شيء آخر تمامًا، وهو الأمر الذي اكتشفه الاتحاد السوفيتي في أفغانستان بعد 1979 والولايات المتحدة في العراق بعد 2003، وهما أكبر غزو بري خلال نصف القرن الماضي.

ولكن ما هي الدروس التي يمكن أن يستخلصها بوتين والقادة الغربيون الذين يتنافسون معه على المسرح الدولي من التاريخ؟ لقد أعقب غزو كابول وبغداد صراع دموي طويل ومعقد، إذ كانت أفغانستان خسارة واضحة للسوفييت، وكان العراق بالنسبة للولايات المتحدة شيئًا ما بين التعادل والفوز باهظ التكلفة، ولذا فإنه لا ينبغي أن تكون الدروس المستفادة من هذه الحروب مشجعة للكرملين اليوم.

وربما كان الدخول السوفيتي الأولي الناجح في أفغانستان قد وفر نموذجًا للمرحلة الأولى من الدخول الروسي إلى أوكرانيا الشهر الماضي، ولكن النسخة الأصلية للحرب الباردة كانت أكثر نجاحًا، ففي 27 ديسمبر 1979 استولت القوات السوفيتية الخاصة على المباني الرئيسية في كابول، بينما استولت وحدة محمولة جوًا على المطار المجاور للعاصمة وعبرت المدرعات الحدود، وتم تنصيب حكومة دمية بسرعة وبلا دم في العاصمة.

أما في عام 2022 ففشلت القوات الخاصة والمظليين الروس في تحركاتهم الأولية للتخلص من الحكومة في كييف، التي ستجد القوات الروسية، التي تحرز تقدمًا أبطأ وأكثر تكلفة تجاه كييف بكثير مما فعله السوفييت تجاه كابول، أنها تدافع بقوة في حالة وصولها إلى هناك.

فيما تم إجراء الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 بشكل مختلف تمامًا، إذ عبر التحالف إلى جنوب العراق في 20 مارس، وسقطت بغداد بعد 20 يومًا.

وبالنسبة لبوتين فإن الدرس المستفاد في عام 2022 هو أن الغزو بقوة خفيفة نسبيًا يعتمد بشكل كبير على النجاح الأولي، ولذا فإنه استخدم قوات يبلغ عددها 190 ألفًا لغزو أوكرانيا، وهو عدد أقل بنسبة 35٪ من قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة التي سيطرت على بغداد في عام 2003، في دولة أكثر كثافة سكانية بنسبة 50٪ وأكبر مساحة بحوالي الثلث، ويبدو أن المرحلة الأولية تشير إلى أن الأوكرانيين أكثر قدرة عسكريًا مما كان عليه العراق في عام 2003، وأن القوات الروسية أقل قدرة بكثير من قوات التحالف في ذلك الوقت، وبالنظر إلى عدم وجود حلفاء محليين في العاصمة وبالقرب منها، فإن بوتين قد يجد أنه يعاني من نقص كبير في الموارد لمشروعه في كييف.

وفي حال سيطر في النهاية على كييف ومدن أوكرانية رئيسية أخرى، فإن بوتين سيجد نفسه في مرحلة مختلفة تمامًا وهي الاحتلال، وتعطي التجربة السوفيتية في أفغانستان والتجربة الأمريكية في العراق فكرة عن مدى خطورة النظام الذي اختاره الرئيس الروسي.

ويعد العامل الحاسم في أي تمرد هو السكان، فبينما يختلف المنظرون حول ما إذا كان الاستحواذ أو الإرهاب هو النهج الأكثر فاعلية، فإن اكتساب تعاون السكان بطريقة أو بأخرى يعد أمرًا ضروريًا، كما تعد التضاريس أيضًا عاملاً مهمًا، وذلك سواء في مرحلة الغزو الحالية أو في أي احتلال روسي على المدى الطويل، فقد وفرت جبال أفغانستان ملاذًا حيويًا للمتمردين المناهضين للسوفييت، كما شكلت تحديات تكتيكية ولوجستية خطيرة للمحتلين، وبالنظر لأن أوكرانيا تبدو دولة مفتوحة فإن ذلك يصب في مصلحة روسيا.

ولكن هناك عاملًا آخر يوازن الاحتمالات إلى حد ما، أو حتى يميل إلى أن يصب في صالح الجانب الأوكراني، وهو أن 69٪ من سكان أوكرانيا يعيشون في المناطق الحضرية، فنحن نرى بالفعل أن البلدات والمدن الأوكرانية قد تكون مماثلة لجبال أفغانستان، أي تمثل تضاريس غادرة بالنسبة للغزاة والمحتلين. كما تمثل الحدود عاملًا آخر، إذ إنه من المرجح أن ينجح التمرد إذا كان لديه ملاذ في دولة مجاورة، فيما تتمتع قوة الاحتلال الروسية بميزة واحدة مهمة وهي القرب واللوجستيات، حيث تربط شبكات الطرق الرئيسية المدن الروسية والأوكرانية (تستغرق الرحلة السياحية من موسكو إلى كييف حوالي 10 ساعات فقط)، وذلك سواء بشكل مباشر أو عبر بيلاروسيا.

وتعد وسائل التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» و«فيسبوك» و«تيك توك» والمنصات الأخرى بيئة مثيرة للجدل، وقد ظهرت في صراعات سابقة، بما في ذلك الثورة السورية الفاشلة والحملة ضد تنظيم داعش، ولكن في هذا الصراع كان مستوى التعقيد من كلا الجانبين ملحوظًا، إذ حاول كلٌّ منهما إنشاء قصة انتصار.

ويبدو أن الجانب الأوكرانى يتمتع بقيادة جيدة بشكل ملحوظ حتى الآن، وصحيح أننا لا نعرف إلى متى سيعيش الرئيس الأوكراني زيلينسكي والآخرون، ولكن سواء نجا أم لا، فقد جعل من نفسه قيمة كبيرة، وقد كان النظام الدمية جزءًا راسخًا في قواعد اللعب الروسي على مدى نصف القرن الماضى، من أفغانستان إلى الشيشان وسوريا، ولكن من الصعب حاليًا تخيل هذا الأمر فى كييف، كما يبدو أن المجتمع الدولي يقف بالتأكيد وراء القضية الأوكرانية.

وقد يمثل التمرد في أوكرانيا تحديًا حاسمًا لأي قوة احتلال روسية، والسؤال الآن هو: ما إذا كان هناك هروب لموسكو من هذه السابقة التاريخية، سواء من خلال الوسائل القديمة التي تتمثل في إرهاب المدنيين، أو من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعى الحديثة، أو إنشاء تحالفات جديدة؟ وبغض النظر عن الوسيلة فإنه يتعين على الولايات المتحدة البدء في التخطيط لتمرد طويل محتمل كما حدث في أفغانستان في الثمانينيات.

ترجمة: المصري اليوم

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …