الرئيسية / مقالات رأي / وضع ليبي دقيق

وضع ليبي دقيق

الشرق اليوم- تنشط الوساطات الليبية والإقليمية والدولية لمنع انفجار أزمة جديدة في البلاد وبدء حوار سريع بين الحكومة المكلفة برئاسة فتحي باشاغا والمنتهية ولايتها بقيادة عبد الحميد الدبيبة، يمهد الطريق إلى تطبيع الأوضاع وتثبيت الاستقرار، بما يسمح للحكومة الجديدة بتولي مهامها تنفيذاً لإرادة مجلس النواب الذي منحها الثقة بأغلبية ساحقة.

الجهود الدبلوماسية تكثفت وتسارعت في الساعات الأخيرة، وبذلت بعثات وممثلو الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية جهوداً كبيرة لنزع فتيل صدام مسلح في طرابلس، بعدما شهدت حشوداً عسكرية أثارت كوابيس الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد في السنوات الماضية.

إن عودة الهدوء إلى العاصمة الليبية مؤشر إيجابي يمكن البناء عليه دبلوماسياً للخروج من الفوضى السياسية والصراعات. ولأن الظرف الإقليمي والدولي دقيق، فإن أي سوء في التقدير سيؤدي إلى عواقب كارثية، وتعرف الأطراف ذات الصلة أن العالم كله منشغل الآن بالأزمة الأوكرانية، وأن أي أزمة تندلع على هامشها ستظل بعيدة عن دائرة الاهتمام حتى تصل إلى نقطة اللاعودة وتقود البلاد إلى الانهيار الشامل. ويبدو أن الفرقاء الليبيين قد أدركوا خطورة هذا المنزلق، وعادوا إلى معالجة الخلاف بمنطق المصلحة الوطنية والاحتكام إلى الحوار البنَّاء، وهو ما توحي به الاتصالات الأخيرة بمستوياتها المختلفة.

يحسب لرئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا حرصه على السلام وإنهاء الخلاف مع الدبيبة بالحسنى ووفق إرادة القانون، فقد أكد أن حكومته ليست حكومة حرب، بل ستعمل على خريطة طريق واضحة المعالم لاستكمال المسار السياسي إلى نتائجه المأمولة. وربما يكون اللقاء المزمع بين الرجلين، باشاغا والدبيبة، لحظة حاسمة في هذا الاتجاه، طالما أن البدائل لن تكون في مصلحة أحد، فضلاً عن أنه جرى تجريبها وكانت نتيجتها غياب الدولة وانتشار الإرهاب واستفحال التدخلات الدولية السافرة، التي كادت أن تذهب بالسيادة الليبية وتصادر ثروات البلد وترهن مستقبله إلى أجل غير معلوم.

معركة ليبيا الحالية لن تكون سهلة، فالبلاد تمر بمنعطف يستوجب العبور بسلام، والحكومة المكلفة من مجلس النواب، الجهة التشريعية الأصلية، تواجهها استحقاقات ضخمة على كل المستويات، أهمها العمل مع الجهات التشريعية لإنجاز القوانين الانتخابية الجديدة، وضبط الدستور وتهيئة الظروف الأمنية والسياسية والاجتماعية لهذه العملية المصيرية التي ينتظرها الليبيون والأطراف الإقليمية والدولية لطي الصفحات المظلمة، وبدء عهد جديد يكون أفضل إذا كانت النوايا مخلصة والغايات نزيهة.

من أجل ذلك كله، يجب أن تتسلم حكومة باشاغا مهامها في طرابلس بطريقة حضارية وسلسة، لأن ذلك يعزز الضمانات بأن العملية السياسية ستمضي في طريقها السلمي محتكمة إلى القوانين المتفق عليها. ويبدو أن باشاغا، بما لديه من خبرة وتجربة واتصالات مع مختلف الأطراف الليبية والإقليمية، يمتلك مقاربة طموحة لتفكيك عدد من الأزمات التي تمر بها ليبيا، ويؤمن، كما غيره كثيرون، بأن الانتخابات الشفافة هي الهدف الأكبر والعلاج الذي يشفي كل العلل السياسية، ويقلب الإحباط إلى أمل.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

رهان أمريكا على الهدنة

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج الشرق اليوم- فرضت غزة نفسها بقوة على صانع القرار …