الرئيسية / مقالات رأي / “حظر الطيران”… إلى أين يمكن أن يقود؟

“حظر الطيران”… إلى أين يمكن أن يقود؟

بقلم: سميح صعب – النهار العربي

الشرق اليوم – مع استمرار المعارك في أوكرانيا وتصاعدها في اتجاه المزيد من المدن، بدأت تبرز تخوفات عن المدى الذي يمكن أن تبلغه الحرب، وهل تبقى محصورة داخل أوكرانيا وما إذا كان ثمة أطراف أخرى ستتورط فيها وتقود من دون مبالغة إلى حرب عالمية ثالثة.  

يكرر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مطالبته للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، لإقامة منطقة حظر جوي فوق الأراضي الأوكرانية، وذلك بهدف حرمان القوات البرية الروسية التي دخلت أوكرانيا من الغطاء الجوي. وهذا في رأيه يساعد الجيش الأوكراني على التصدي بفاعلية أكبر للقوات الروسية الغازية.

تجدر الإشارة إلى أن طلب زيلينسكي يصطدم برفض غربي مطلق، لأن القادة السياسيين والعسكريين في حلف شمال الأطلسي يقولون صراحة إن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى صدام مباشر بين الحلف وروسيا، وتالياً الانزلاق إلى حرب عالمية، وفق ما حذر منه الرئيس الأميركي جو بايدن نفسه أكثر من مرة. وعلى الجانب الآخر، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أنه إذا أقدم الغرب على فرض حظر جوي، فإن ذلك يعني تدخلاً أطلسياً مباشراً في الحرب.

وتكتفي دول حلف شمال الأطلسي، وحتى دول أوروبية أخرى حتى الآن، بإرسال صواريخ مضادة للدبابات والطائرات، بينما تناقش الولايات المتحدة كيفية تزويد أوكرانيا بمقاتلات حربية، لتعويضها النقص في دفاعاتها الجوية. وحتى تنفيذ مثل هذه الخطوة، يبقى مشكوكاً في كيفية تطبيقها في الوقت الذي تقول روسيا إنها تحكم سيطرتها على الأجواء الأوكرانية بالكامل.   

وكي لا تقع حوادث بالصدفة بين الجيشين الأميركي والروسي، أنشأ الجانبان قبل أيام خطاً ساخناً بينهما.

وتعتبر واشنطن والاتحاد الأوروبي أن العقوبات المدمرة التي فرضاها على الاقتصاد الروسي، فضلاً عن العزلة الدبلوماسية، هي البديل من حرب مباشرة على روسيا. فإخراج موسكو من النظام المالي العالمي وإقفال الأجواء أمام طائراتها وإغلاق الموانئ في وجه سفنها ومقاطعتها ثقافياً ورياضياً، هي بدائل من الصدام المباشر، وأن هذه خطوات سيظهر تأثيرها تباعاً على الاقتصاد الروسي، على رغم كل الاحتياطات التي اتخذتها الحكومة الروسية لتلافي الانعكاسات السلبية للعقوبات على حياة الناس، وعلى انتظام عمل المؤسسات المالية والاقتصادية الروسية.  

وفي رسالة ردع لروسيا، ترسل القوات الأميركية تعزيزات شملت جنوداً ومقاتلات إلى دول أوروبا الشرقية المنضوية تحت لواء حلف شمال الأطلسي، لأنها ترى أن هذه الدول قد تكون معرّضة بعد أوكرانيا، للاستهداف الروسي، مثل بولندا ورومانيا وجمهوريات البلطيق الثلاث. كما أرسلت دول أخرى في الأطلسي مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وكندا تعزيزات عسكرية إلى هذه الدول. وبهذه الإجراءات الاحترازية يكون الغرب قد رسم خطاً أحمر أمام روسيا. وأكد بايدن مراراً أنه في الوقت الذي لا تعتزم أميركا إرسال قوات برية إلى أوكرانيا حتى لا تشتبك مع الجيش الروسي، فإن الولايات المتحدة ستقاتل دفاعاً عن الدول الأعضاء في الأطلسي إذا تعرضت لهجوم روسي، وذلك التزاماً بالبند الخامس من ميثاق الحلف الذي ينص على أن أي اعتداء على دولة عضو في الحلف يعتبر اعتداءً على بقية الأعضاء.

في الوقت الحاضر، هذه هي الاستراتيجية التي يعتمدها الغرب في مواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا، وتتلخص في تزويدها بالأسلحة ودعمها اقتصادياً وسياسياً، وفرض المزيد من العقوبات على روسيا، مع تحاشي الدخول في صدام عسكري مباشر مع القوات الروسية.

هل يمكن أن يطرأ تعديل على هذه الاستراتيجية؟ هذا ما لا يمكن الجزم به أو إعطاء جواب قاطع في شأنه، لا سيما أن الحروب عندما تبدأ يصير من الصعب معرفة كيف تنتهي.

شاهد أيضاً

أحلام مقتدى الصّدر وأوهام مناصريه

بقلم: فاروق يوسف- النهار العربيالشرق اليوم– عندما يُشفى العراقيون من عقدة اسمها مقتدى الصدر يكون …