الشرق اليوم اخباري تحليلي
مقالات مشابهة
الشرق اليوم- العالم على صفيح مشهد ساخن، يتابع شرارات الحرب والخوف التي اندلعت خلال الأسابيع الماضية إلى أن بدأت أمس، بالفعل التحركات العسكرية على أرض المعركة، ويبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدأ بكتابة فصول مسرحية الغزو الروسي لأوكرانيا خلال الفترة الماضية، وأعلن عن بدء العرض فجر أمس الخميس، ولكن من يتابع يجد أن لكل من روسيا وأوكرانيا أسبابها في هذا الصراع، ويرى أنه تحاك خلف هذه الأحداث كواليس هي الأكثر إثارة والأكثر أثر على العالم.
ومن خلال الاطلاع على الأحداث التي توالت بعد العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، بدأ العالم يتأثر بكل جوانبه من هذا الغزو، وتحديدا الجانب الاقتصادي، وكأن المراد من هذه الحرب هو رفع أسعار الموارد الأساسية، مثل النفط والغاز والذهب والقمح والذرة.
ارتفاع أسعار الموارد
إن روسيا تعد من أكبر منتجي النفط والغاز في العالم، بطاقة إنتاجية تتجاوز 13 مليون برميل من النفط يوميا ونحو 680 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، ويشكل إنتاج روسيا من النفط والغاز 13 و18% على الترتيب من الإمدادات العالمية، ونحو 40% من سوق الغاز الأوروبية.
ومنذ يوم أمس الخميس، تأثرت أسعار النفط وسجلت أعلى مستوياتها منذ عام 2014، وصعدت أسعار العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت تسليم أبريل 5.36% أو 5.36 دولارات، إلى 102.20 دولار للبرميل، كما ارتفعت أسعار العقود الآجلة للخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط تسليم أبريل، بنسبة 5.26% أو 4.84 دولارات، إلى 96.94 دولارا للبرميل.
وواصلت أسعار النفط الخام ارتفاعها، في اليوم الثاني للحرب في أوكرانيا، وتتجه أسعار النفط لتسجيل مكاسب أسبوعية بأكثر من 6% لمزيج برنت، وأكثر من 4% للخام الأمريكي.
وعلى صعيد الذهب، تأثرت أسعاره بالحرب التي اندلع البارحة، ووصلت إلى مستواها الأعلى منذ أغسطس 2020، فقد قفزت الأسعار في التعاملات الفورية 1.49% أو 28.35 دولارا، إلى 1937.36 دولارا للأوقية.
فيما زادت أسعار العقود الآجلة للذهب تسليم أبريل 1.63% أو ما يعادل 31.1 دولارا، إلى مستوى 1941.5 دولارا للأوقية.
ويعتبر الذهب أحد الأصول التي يتم التحوط بها ضد ارتفاعات التضخم، وضد المخاطر الجيوسياسية وأوقات الأزمات الاقتصادية والحروب.
وبعد ساعات على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، ارتفع بشكل مباشر سعر القمح لمستوى قياسي، فقد سجل 344 يورو (حوالى 384 دولار أمريكي) للطن الواحد لدى مجموعة “يورونكست” التي تدير عددا من البورصات الأوروبية.
وصعدت بشكل كبير أسعار القمح والذرة التي تشكل أوكرانيا رابع مصدر لهما عالميا، منذ افتتاح جلسات التداول.
التوسع في التعامل بالعملات المشفرة
ويبدو أيضا أن لهذه الحرب مآلات أخرى، كأن تعطي الضوء الأخضر في العالم للتعامل المتاح بالعملات المشفرة، وتخفيف قوة العقوبات الأمريكية.
فإن الكيانات الروسية تستعد لتخفيف آثار العقوبات الاقتصادية الأخيرة التي أعلنت عنها واشنطن، وذلك بالاعتماد على العملات المشفرة والأصول الرقمية، بحسب ما نقله تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”.
ويدرك المسؤولون الحكوميون الأمريكيون وبشكل متزايد احتمال أن “تقلل العملات المشفرة من تأثير العقوبات”.
ووفقا لقناة “الحرة” أكد الخبراء أنه إذا اختارت موسكو طريق التهرب من العقوبات، فإن لديها العديد من الأدوات المتعلقة بالعملات المشفرة تحت تصرفها، وكل ما تحتاجه هو إيجاد طرق للتداول دون لمس الدولار.
وتعمل الحكومة الروسية على تطوير عملتها الرقمية الخاصة بالبنك المركزي، وهو ما يسمى بالروبل الرقمي الذي تأمل في استخدامه للتجارة مباشرة مع الدول الأخرى التي ترغب في قبوله دون تحويله أولا إلى دولارات.
ويشار إلى أنه يمكن أن تساعد تقنيات القرصنة، الجهات الفاعلة الروسية على سرقة العملات الرقمية وتعويض الإيرادات المفقودة بسبب العقوبات.
وقال ممثلو البنك المركزي الروسي، في أكتوبر 2020: إن “الروبل الرقمي” الجديد سيجعل البلاد أقل اعتمادا على الولايات المتحدة وأكثر قدرة على مقاومة العقوبات.
وسيسمح للكيانات الروسية بإجراء “معاملات خارج النظام المصرفي الدولي مع أي دولة ترغب في التجارة في العملة الرقمية”، على حد قولهم.
ويمكن لروسيا أن تجد شركاء راغبين في دول أخرى تستهدفها العقوبات الأمريكية، بما في ذلك إيران، التي تعمل أيضا على تطوير عملات رقمية مدعومة من الحكومة.
وكذلك أطلقت الصين، أكبر شريك تجاري لروسيا في كل من الواردات والصادرات، عملتها الرقمية الخاصة بالبنك المركزي.
بدوره، قال يايا فانوسي، الزميل في مركز الأمن الأمريكي الجديد الذي درس آثار العملة المشفرة على العقوبات: إن تطوير نظام البنوك المركزية التي تتبادل العملات الرقمية بشكل مباشر يخلق مخاطر جديدة.
وأضاف: “تخفيف قوة العقوبات الأمريكية يأتي من نظام تكون فيه هذه الدول قادرة على إجراء المعاملات دون المرور عبر النظام المصرفي العالمي”.
