الرئيسية / مقالات رأي / بسبب أزمة أسعار النفط… السعودية أمام معضلة الالتزام بالاتفاق الروسي أو زيادة الضخ للغرب

بسبب أزمة أسعار النفط… السعودية أمام معضلة الالتزام بالاتفاق الروسي أو زيادة الضخ للغرب

الشرق اليوم- في وقت تشتد فيه حدة التصريحات بين روسيا ودول الغرب، رغم اتفاق الأطراف جميعها على اعتماد الدبلوماسية، ارتفعت أسعار النفط ومعها المخاوف من اجتياح روسي وشيك لأوكرانيا، لتشكل “معضلة للسعودية”، وتضعها أمام خيارين: “إما مساعدة الغرب بضخ مزيد من النفط الخام لكبح جماح السوق، أو الوقوف بجانب تحالف نفطي استمر خمس سنوات، والذي قد يساعد موسكو على حساب واشنطن”.

ويبدو في الوقت الحالي أن أكبر مصدر للنفط (السعودية) يقف إلى جانب روسيا.

وكان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قد دعا مرارا دول الخليج إلى ضخ مزيد من النفط لخفض أسعار الوقود، الذي تضاعفت أسعاره بالنسبة للأمريكيين، مثلا، مقارنة بما قبل جائحة كوفيد-19، واشتدت تلك الدعوة مع ارتفاع أسعار الوقود لتقترب من 100 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ ثماني سنوات، ومع الحشد الروسي قرب أوكرانيا قد ترتفع لمستويات أعلى.

قال المحلل الاستراتيجي المرموق، ديفيد روش: أن النفط “بالتأكيد” سيصل حاجز 120 دولارا للبرميل الواحد وأن الاقتصاد العالمي “سيتغير جذريا”، في حال قررت روسيا اجتياح أوكرانيا.

لكن السعوديين أكدوا أنهم لن يضخوا أكثر مما اتفقوا عليه، العام الماضي، ضمن اجتماعات “أوبك +”، وهو تحالف يضم الدول المصدرة للنفط (أوبك) وروسيا، حيث تعهدت الدول برفع الإنتاج بحوالي 400 ألف برميل شهريا، ولم يقم هذا التغيير بالتأثير بشكل كبير على أسعار النفط، كما أن السعوديين ضخوا أقل مما نصت عليه حصتهم في الاتفاق، وفقا لما نقلته الصحيفة عن الوكالة الدولية للطاقة.

ويمكن أن توفر أسعار النفط المرتفعة لروسيا، التي تشكل صادراتها 10 في المئة من نفط العالم، أرباحا قد تشكل “درع حماية” من آثار أي عقوبات قد يفرضها الغرب على موسكو في حال قررت اجتياح أوكرانيا، أما في الولايات المتحدة تسببت أسعار النفط المرتفعة إلى التضخم وتعقيد الجهود الغربية لفرض العقوبات على روسيا.

إن السعودية قادرة، في الغالب، على خفض أسعار النفط، لأنها لا تضخ في الوقت الحالي قدرتها الإنتاجية الكاملة، والتي تبلغ 12 مليون برميل يوميا، مقارنة بـ 10 ملايين برميل في اليوم حاليا. ويمكنها أن تبلغ القدرة القصوى للتصدير خلال ثلاثة أشهر، وإن “أي إشارة (سعودية) لفعل ذلك ستخفض أسعار النفط على الأرجح”، وفقا للمحللين.

وتحدث بايدن مع العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، الأسبوع الماضي، حول مجموعة من قضايا الشرق الأوسط وأوروبا، من بينها “ضمان استقرار مخزون الطاقة العالمي”، وفقا لبيان نشره البيت الأبيض.

ناقش الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الأربعاء، في مكالمة مع العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، التطورات الإقليمية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، من بينها الهجمات الحوثية على المملكة وضمان استقرار الطاقة عالميا، وفقا لما أعلنه البيت الأبيض في بيان عبر موقعه.

وعقب المكالمة، سلط بيان للعاهل السعودي الضوء على “الدور التاريخي لاتفاقية أوبك+”، مؤكدا أهمية الالتزام بالمعاهدة.

وفي منتدى الطاقة الدولي، الذي عقد الأربعاء، بالعاصمة، الرياض، دعا فاتح بيرول، رئيس الوكالة الدولية للطاقة، التي تضم الولايات المتحدة، دول “إوبك+” إلى ضخ مزيد من النفط.

حضر المنتدى في الرياض، كل من منسق إدارة بايدن  للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكغورك، ومبعوث الخارجية الأميركية لشؤون الطاقة، وكبير مستشاري وزارة الخارجية الأميركية لأمن الطاقة، آموس هوشستين.

ورفض وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في اجتماع خاص، ضخ مزيد من النفط، مشيرا إلى أن إعادة طرح الحصص المتفق عليها بين أعضاء “أوبك+” للنقاش قد تهدد بتقلب أسواق النفط عوضا عن الحفاظ على استقرارها.

 وقال موفد من “أوبك”: إن “المملكة ليست على الصفحة ذاتها مع الولايات المتحدة في الوقت الحالي”، وأضاف: “كلنا نعلم أنهم ليسوا مستعدين للتعاون مع الولايات المتحدة لتهدئة السوق”.

واستبعد مسؤولون أوروبيون وأمريكيون فرض عقوبات على قطاع النفط الروسي في الوقت الحالي، وهو اعتراف بأن ذلك قد يسبب ارتفاعات قد تخرج عن السيطرة في أسعار النفط.

لكن حتى وإن فرضت عقوبات على بنوك روسيا أو أي قطاعات أخرى قد تؤثر على أسواق النفط أو مسارات توزيعها، لأن تجار الغاز والوقود قد يمتنعون عن التعامل مع دولة تخضع لعقوبات، ويشير الخبراء إلى أن العقوبات على روسيا قد تتسبب في قطع 7 في المئة من إمدادات النفط العالمية.

وقال خبراء: إن الأسعار المرتفعة ستدعم موقف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، واحتياطات البلاد من العملة الأجنبية والمحلية، الروبل، في وجه أي عقوبات قد يفرضها الغرب.

وتعد مخاوف الاجتياح الروسي لأوكرانيا “أول اختبار جيوسياسي” للتحالف بين الرياض وموسكو.

ورغم أن الدولتين كانتا على طرفين متناقضين في عهد الحرب الباردة، إلا أنهما دخلتا في اتفاق، عام 2016، عندما وقعت روسيا إلى جانب حوالي 12 دولة أخرى معاهدة مع “أوبك” لتنظيم الإنتاج النفطي.

وهذا التعهد منح أسواقا جديدة فرصة التعامل مع روسيا، التي تعد واحدة من أكبر منتجي النفط الخام، كما ألزم السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، باتفاقيات مع موسكو.

كما أن السعودية تملك أسبابا خارج تحالفها النفطي مع روسيا “كي تتحرك بحذر” في أي تغيير بإنتاجها النفطي، فوجهة النظر السعودية تقول إنه لا يوجد اختلال في التوازن بين العرض والطلب في السوق قد يستدعي رفع إنتاج النفط الخام، وأن ارتفاع الأسعار حاليا يعود إلى المخاوف لدى ما قد يحصل في أوكرانيا.

وكشف تقرير أصدرته “أوبك” عن فائض بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا في الربع الأول من العام المالي، ما أثار مخاوف من حصول “تخمة في العرض”.

مع ارتفاع التصعيد بين روسيا ودول الغرب حول احتمالية اجتياح لأوكرانيا، ووسط التلويح بفرض عقوبات قاسية في اتخذت موسكو خطوة ضد كييف، يزداد القلق بشأن استغلال الطاقة سلاحا في المواجهات المقبلة.

إن المملكة لطالما كانت حذرة من التصرف بشكل فردي في استخدام نفوذها في السوق، مثل ما حصل في عام 2008، عندما سمحوا لأسعار النفط أن تبلغ 147 دولار للبرميل، قبل أن تتسبب الأزمة المالية بانهيار كامل في أسواق المال.

ويقول السعوديون إنهم سيعيدون التفكير برفضهم إن بلغت الأسعار حدودا تشابه عام 2008، أو إن رؤوا أن الأسعار المرتفعة يمكنها أن تؤثر على المدى الطويل في الطلب.

ومن غير الواضح إن كان السعوديون سيعيدون التفكير، فالأسعار المرتفعة تضخ السعوديين بالنقود التي ستساعد الأمير محمد بن سلمان في تحقيق بعض من مشاريعه الطموحة، ومن بينها تحويل اقتصاد بلاده للاعتماد على الصناعات غير النفطية.

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …