الرئيسية / مقالات رأي / تأملات في التطورات الليبية الأخيرة

تأملات في التطورات الليبية الأخيرة

بقلم: د. أحمد يوسف أحمد – صحيفة الاتحاد

الشرق اليوم- قرر مجلس النواب الليبي في جلسته الأخيرة يوم الخميس الماضي، وبأغلبية 126صوتاً من الـ147عضواً الذين حضروا الجلسةَ، اختيارَ فتحي باشاغا، وزيرَ الداخلية السابق في حكومة “الوفاق الوطني”، رئيساً جديداً للحكومة الليبية خلفاً لعبد الحميد الدبيبة الذي أعلن رفضه القرارَ وعدمَ نيته تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة، مما مثَّل إنذاراً باحتمالية العودة لازدواجية السلطة التي كانت قائمة قبل الاتفاق من خلال منتدى الحوار الليبي برعاية الأمم المتحدة على خريطة طريق أفضت إلى انتخاب مجلس رئاسي جديد ورئيس لحكومة وحدة وطنية حلّت محل الحكومتين اللتين كانتا قائمتين في الشرق والغرب.

وكان المنطق الكامن خلف هذا القرار البرلماني هو أن شرعية حكومة الدبيبة قد انتهت بعد الفشل في إجراء الانتخابات التي حددت لها خريطة الطريق موعداً في 24 ديسمبر الماضي، بينما يرى الدبيبة أن شرعيته ممتدة لحين إنجاز الاستحقاق الانتخابي.

وللوهلة الأولى بدا وكأننا بسبيل العودة إلى المربع رقم 1 الذي قد يفتح الباب مجدداً لعودة الاشتباكات المسلحة، خاصة وأنه بات واضحاً أن الدبيبة مؤيَّد من قبل ميليشيات لا يعلم كاتب هذه السطور وزنَها النسبي وما إذا كان يغري بالصدام مع خصومه، كما كان لافتاً أن الأمم المتحدة أيّدت استمرار الدبيبة في موقعه.

غير أن إمعان النظر في هذه التطورات يشي باحتمالية تَغيّر ما في الموقف يمكن أن يكون له مردود إيجابي على خريطة الصراع في ليبيا، والتي كشفت في السنوات الماضية عن انقسام فادح وفقاً لخطوط جغرافية (شرق/غرب)، بينما تضمّن قرار مجلس النواب الليبي اختيارَ شخصية نافذة من الغرب رئيساً جديداً للحكومة، وحُظي قراره بتأييد فوري من الجيش الوطني الليبي، كما بدا أن مجلسَ النواب حريص على وموافقة المجلس الأعلى للدولة على هذا الترشيح.

صحيح أن الجلسة التي كان المجلس سينظر خلالها في قرار مجلس النواب قد تأجلت بما يشير إلى وجود خلافات ما، لكن الفكرة أن مجلس النواب لا يتجاهل المجلس الأعلى للدولة في قراراته، وهذا مهم لعبور الانقسام، كما أنه من الأهمية بمكان أن قرار المجلس لم يقتصر على ترشيح باشاغا رئيساً للحكومة وإنما امتد إلى الموافقة على تعديل الإعلان الدستوري بتشكيل لجنة جديدة من مجلس النواب ومجلس الدولة وخبراء للنظر في مشروع الدستور وتعديلاته وعرضه للاستفتاء الشعبي، وهو ما يمثل استجابةً للمطالبين بالاتفاق على قاعدة دستورية للانتخابات قبل إجرائها.

وكان مجلس النواب قد وافق قبل ثلاثة أيام من ترشيح باشاغا على تمديد عمله لـ14شهراً إضافيةً بعد فشل المفوضية العليا للانتخابات في إجراء الاقتراع في موعده. ويعني هذا عملياً أن الانتخابات قد أُرجئت لحين الفصل في المسألة الدستورية، وهو ما يَلقى معارضةً من أولئك الذين يعتقدون أن الإسراع بإجرائها هو الحل السريع الناجز للوضع في ليبيا

ومع أنه لا شك في أن التعبير الصادق عن إرادة الشعب الليبي من خلال الانتخابات هو نقطة البداية الصحيحة والوحيدة لاستعادة الدولة الليبية، فإن التأكيد كان دائماً على ضرورة توفير الظروف التي تضمن نزاهةَ الانتخابات وسلامَتها، ولو سارت هذه الخطوات في هذا الاتجاه فسوف تمثل إنجازاً في هذا الصدد.

ويعني ذلك أنه في مقابل السيناريو المتشائم الذي يتوقّع احتمال عودة الصراع، هناك سيناريو آخر ينطوي على البدء في عبور الانقسام بين الشرق والغرب والأمل في إدماج قسم يعتد به من الميليشيات (على الأقل تلك التي يتمتع باشاغا بتأييدها) في القوات المسلحة الليبية، خاصة أن اللجنة العسكرية 5+5 تعمل بكفاءة، وندعو لها بالتوفيق في مهمة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية وتوحيد الجيش الليبي واستعادة الدولة.

شاهد أيضاً

بأية حال تعود الانتخابات في أمريكا!

بقلم: سمير التقي – النهار العربي الشرق اليوم- كل ثلاثة او أربعة عقود، وفي سياق …