الرئيسية / مقالات رأي / مرحباً بعالم الميتا فيرس

مرحباً بعالم الميتا فيرس

بقلم: د. خالد الخضري – صحيفة “الرياض”

الشرق اليوم – لم يكن أحد يتخيل أن تتحول اليوم خيالات الإنسان وأحلامه القابعة في عقله، إلى حقيقة يعيشها في عالم افتراضي مدهش، عالم من المستحيلات المقبلة التي لم يكن للبشرية توقعها منذ فجر التاريخ البشري.

تقنية جديدة، سوف تدخلنا في عوالم الدهشة، تلك التي كنا نقرأ عنها في الروايات والقصص، قديمها وحديثها، هذه التقنية يا سادتي وبكل بساطة جاءت باسم (الميتا فيرس)، الذي تروج له اليوم شركات كبرى مثل غوغل والفيسبوك.

إنه الجديد في عالم التكنولوجيا الرقمية؟ ونقول رقمية، لكون كل التكنولوجيا المقبلة ستكون رقمية، وسيغدو الإنترنت الذي نستخدمه اليوم بالنسبة للتكنولوجيا المقبلة، مثل شخص لا يزال يحرث الأرض بواسطة البغال، وآخر يجرب الزراعة في القمر.

الجديد هو تقنية “ميتا فيرس” التي لا يمكن شرحها، فهي أصعب من أن نفهمها، لكننا نفهم أنه عالم افتراضي مَن دَخله لا يرغب في الخروج منه، ففي هذا العالم يمكنك تخزين نفسك على قرص صلب لتعيش في عالم آخر، ربما نقول ذلك اليوم ـ من باب الدعابة ـ لكن الغد ينبئ بتحقيق المستحيل، حينها سيكون عقلك عبارة عن –كتلة أعصاب- مخزنة خارج جسدك، وتتعامل مع عالم آخر، ستكون إنسانًا رقميًّا، مجرد كائن رقمي، لن تعود منه إن دخلته، سوف تعيش في المكان الذي ترغب فيه، ويمكنك أن تقابل من تشاء وتلمسه وتشعر بحميميته، وتشرب معه فنجان قهوة وأنتما في غرفة واحدة، على مقعدين متجاورين، لن تكون أنت ذاتك، ولكن عقلك وأعصابك هي التي ستستهلك الطاقة، ولن تحتاج إلى أطباء ومدرسين، وجامعات، ومحامين، وعمال، عقلك هو الذي سيدير كل هذا، هو من سيدلك على مرضك، والأدوية التي تحتاجها، ويأمر عقلك الروبوت أن ينقل الكرسي من مكان إلى آخر، لأن هذه الجلسة غير مناسبة لك، وكل هذا من دون أن تشعر.

عالم ميتا فيرس سيكون عالمًا آخر، عالم تنتقل فيه من مكان إلى آخر بكل ما فيك من عقل وأحاسيس، سيتحول الإنسان إلى غبار أو ومضة كهربائية، لا أعرف، لكن يبدو أنها ستكون نهاية الإنسان!

حيث أعتقد أن هذه التقنية ربما تدخلنا في حياة جديدة، وعوالم مذهلة، لكن لو عدنا إلى (ميتا) Meta لوجدنا أنها تعني –على العموم الماورائي- أو ما وراء، وهو الاسم الذي أطلقه مارك على الفيسبوك، وفيرس Verse وهي مشتقة من Universe وتعني العالم، والمصطلح كاملاً يعني “العالم الماورائي” هذا ما قصده نيل ستيفنسون في روايته التي قدمها في عام 1992م.

في ظني أن العلم هو الوحيد القادر على اكتشاف قدرات الإنسان الخفية، وتوظيفها اليوم ربما لصالحه، أحيانًا في إزالة الألم، وأحيانًا في تحقيق مزيد من الرفاهية، من خلال اختصار الزمن والوقت، وكثير من الجهد، وأحيانًا أخرى في عداء الإنسان للإنسان.

مرحبًا بالميتا فيرس، ويجب أن نعود لأصل ومعنى الكلمة كي نستوعبها أكثر، لأنه بلا شك زمن الذوبان في الكونية، والبشرية والإنسانية (في أحيان قليلة)، التي هي الأخرى تلغي أنواع التعنصر ضد الإنسان، تلك العادة المرتبطة بالتخلف والجهل.

شاهد أيضاً

في تفسير تحدّي إسرائيل للقوانين والمعايير الدولية

بقلم: ماجد كيالي- النهار العربي الشرق اليوم- لا يوجد وقت وجدت فيه إسرائيل نفسها مكشوفة …