الرئيسية / مقالات رأي / أريتيريا الموقع والدور

أريتيريا الموقع والدور

بقلم: د.حازم قشوع – صحيفة “الدستور”

الشرق اليوم – على الرغم مما يسوقه بعض المتابعين عن دولة أريتيريا من انطباعات تحدثت عن طبيعة المجتمع ونظام الحكم هناك إلا أن أريتيريا تبقى دولة لها نموذجها الخاص التي تعايشت به مع مجتمعها منذ الاستقلال وعلى الرغم مما أوردته بعض التقارير عن فرض الرئيس المؤقت بأريتيريا منذ أكثر من ثلاثين عاما أسايس أفورقي، قرارات صارمة تناولت إلزام الرجل على الزواج من امرأتين بالحد الأدنى وعاقب من يخالف بالسجن مدى الحياة للمرأة كما للرجل إلا أن هذا القانون كان قد جاء نتيجة تفشى ظاهرة العنوسة فكان الحل يكمن بتعدد الزوجات وذلك للتخفيف من تداعيات هذه الازمة الاجتماعية كما أن بعض التقارير تناولت عن الحكومة الأريترية بفرض التجنيد الإلزامي لكل الشعب الأريتيري لمدة تصل إلى عشر سنوات فإن ذلك جاء نتيجة الحالة الدفاعية الاحترازية التى تقف عليها ارتيريا منذ توقف الحرب بينها وبين إثيوبيا لكن ذلك جاء أيضا من أجل التخفيف من البطالة التي أصبحت تشكل عنوان التحديات.

وأما التقارير التي تناولت قيام زعيم أريتيريا في أسمره بوقف شبكات الانترنت وجعل شبكات التواصل تعمل بالحد الأدنى وجعل من الشرائح الهاتفية يصعب الحصول عليها إلا بموافقات أمنية فإن جاء ذلك لإحقاق حالة منعة ووقف الاختراقات أما ما قام به الرئيس أسايس أفورقي من عمليات طالت إغلاق الجيش للمنافذ وتمكين قيادة الجيش من زمان السلطة فإن ذلك جاء بعيد الاستقلال الذي حظت به أريتيريا عن إثيوبيا بعد حرب استمرت لعشرات السنين وأما عن قيام السلطات الأرتيرية بتوحيد الإعلام في جريدة واحدة ومركزية منصات إعلامية واحدة فان هذا الأمر أرادت منه الحكومة من توجيه منهجية عمل مجتمعية ضمن سياق واحد يحفظ للمجتمع الأريتيري توجهاته الوطنية .

وعلى الرغم من قيام الحكومة الأريتيرية بترسيخ ثقافة التشكيك والاتهامية في المجتمع وطغت ثقافة الخوف والتوجس الأمني على تحركاته وأخذ الجميع يخشى من الجميع وأخذ المجتمع الأريتيري يعيش بإنعزالية وفردية مغرقة إلا أن حالة الأمن في المجتمع الأريتيري باتت تشكل سمة انطباعية وكما أخذت معدلات الهجرات بالتزايد إلى حد خمسة آلاف يوميا ومع كل ذلك ما زالت استطلاعات الرأي ترى بالرئيس أسياس أفورقى الرجل المناسب في الحكم! فهل نصدق ما تقوله الحكومة التي تحظى بدعم إلى حد كبير في استطلاعات الرأي أو نقف على ما تقوله التقارير الصادرة من الخارج وهو السؤال الذي من المهم الإجابة عليه حتى نكون استخلاص مفيد.

وأما في الاتجاه المتتم فإن الحكومة الأريتيرية لا ترى إمكانية التعاطي بطريقة رسمية مع اللغة العربية على الرغم ان الدستور الأريتيري ينص على رسمية اللغة العربية وأساسيتها في التعامل.

كما تعمل الحكومة على وقف التعاطي مع البعثات الدراسية العربية والحكومة لا ترى أهمية لجامعة الدول العربية التي تدخل بفلكها بصفة مراقب مع أن الشعب الأريتيري يتكلم اللغة العربية بلكنة سودانية الأمر الذي يجعل من صورة المجتمع بأريتيريا مضمونها يختلف عن عناوينها وسلطة الحكم فيها تقوم سلطة إقليم من أصل ستة أقاليم ومع ذلك مازال نظامها مسالم وآمن.

أريتيريا التي تعني باللغة اليونانية البحر الأحمر لا تمتلك برلمانا ولا حتى نظما دستورية مع ذلك تعتبر أسمره واحدة من أنظف العواصم العالمية كما يعد المجتمع الأريتيري من المجتمعات المنظمة والذي تقف فيه نسبة الجريمة عند الحدود الدنيا مع ذلك تقبع أريتيريا في أدنى مستويات الدول في ميزان الحريات وحقوق الإنسان فهل المشكلة تكمن بنتائج التقييم أم بالمعادلة التي جاءت بالتقييم وهو السؤال الذي سيبقى برسم الإجابة.

فهل يعتبر نموذج أريتيريا من النماذج التي يمكن اعتمادها كنموذج للحكم عبر الأمن أم أن هذا النموذج تم تكوينه ليتلاءم مع العوامل الموضوعية الضابطة للميزان الإقليمي بسبب موقع أريتيريا على باب المندب، وما ما ووددت تبيانة عبر هذه المقالة أن هناك أسباب موضوعية قد تشكل عائقا أمام تكوين حالة ذاتية مميزة.

فإن حدث إعادة تموضع في الحاضنة الإقليمية فإن الأمور الذاتية سرعان ما تتغير لتكون في خدمة الأغراض الوظيفية القادمة وهو ما يتفق حوله معظم المتابعين عند الحديث من منظومة الضوابط والموازين عند المجتمعات الوظيفية ولعل مناورات البحر الأحمر الواسعة تنذر بهذا التبدل.

شاهد أيضاً

إسرائيل لا تملك وسائل تحقيق طموحات نتنياهو ومن هم على يمينه!

بقلم: فارس خشان – النهار العربي الشرق اليوم- يعاني الجيش الإسرائيلي في غزة من الدوران …