الرئيسية / مقالات رأي / رئيس وزراء ثانٍ

رئيس وزراء ثانٍ

بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم 

الشرق اليوم – من المرات النادرة التي يتوافق فيها مجلس النواب الليبي مع المجلس الأعلى للدولة لاختيار فتحي باشاغا رئيسًا للوزراء، وهو وزير الداخلية السابق وأحد المرشحين الرئاسيين في الانتخابات التي لم تجر.

هذا الاختيار رفضه رئيس الوزراء الحالي عبدالحميد الدبيبة، ودعمه بشكل خافت المبعوث الأممي، أما أمين عام الأمم المتحدة «جوتيرش» فقد صرح تصريحًا محايدًا قال فيه إنه يدعو الليبيين للتوافق وعدم الانجرار للعنف دون أن يعلن دعمه أيًّا من الرجلين.

والمؤكد أن فتحي باشاغا رجل يمتلك مهارات سياسية كبيرة، ودعمًا عسكريًّا ومناطقيًّا (من مصراتة) كبيرًا؛ فهو الذي استقبل بجرأة الوفد الأمني المصري منذ أكثر من عامين في طرابلس حين كان وزيرًا للداخلية في حكومة السراج التي كانت مختلفة مع مصر ومتحالفة مع تركيا، كما أن الرجل دعم علاقاته بالقاهرة وحافظ على قنوات اتصاله بتركيا، كما أنه قام في نهاية العام الماضي بزيارة جريئة للمشير خليفة حفتر في الشرق الليبي رغم أنه كان من أشد معارضيه أثناء محاولته دخول طرابلس بالقوة المسلحة في 2019. كما أنه يتمتع بتقدير بعض الأطراف الدولية، وخاصة فرنسا، بما يعني أننا أمام فرصة للتوافق على مرشح رئاسي «جسر» بين الأطراف المختلفة أكثر منه رئيس وزراء سيدخل في مستنقع الانقسامات الليبية، وهو ابن توافق هش بين البرلمان ومجلس الدولة.

يقينًا الرجل أثبت جدارة في إدارة أكثر من ملف، كما أن اختياره جاء نتيجة تفاهم داخلي وطني حتى لو بقنوات اتصال مع القوى الدولية إلا أنه أمر له دلالة مهمة في ليبيا بأن يكون العنصر الوطني حاضرًا بصورة حاسمة في اختيار من يقود البلاد، لا أن يكون مُصنَّعًا في الخارج كما جرى في بعض المحطات السابقة.

ومع ذلك فإن ليبيا تعاني من تعدد الأجسام الشرعية وضعف فعاليتها، فهناك مجلس رئاسي غائب تقريبًا، ورئيس حكومة فشل في القيام بالمهمة التي أنيطت به عقب اختياره من ملتقى الحوار الليبي (75 عضوًا) وهو إجراء الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر الماضي، كما أن هناك مجلس النواب المنتخب في 2014 والذي يعتبره البعض أنه لم يعد معبرًا عن كل الليبيين ويصفه ببرلمان طبرق، وهناك المجلس الأعلى للدولة الذي يرأسه خالد المشري، المعبر عن تيارات الإسلام السياسي، وخاصة الإخوان المسلمين، وهناك الميليشيات المسلحة التي تتصارع في طرابلس بجانب القوات النظامية التابعة للحكومة، وهناك في الشرق الجيش الوطنى الليبي بقيادة حفتر، وهي كلها أجسام في حاجة إما إلى توحيد أو إعادة بناء.

ورغم أن فرص فتحي باشاغا في تولي منصب رئيس الحكومة فعليًّا راجحة إلا أن التحديات التي أمامه لا تزال كبيرة؛ لأن المهمة ليست في نجاحه كرئيس وزراء انتقالي إنما في تجاوز المرحلة الانتقالية نحو الاستقرار المنشود.

شاهد أيضاً

إيران وإسرائيل… الحرب والحديث المرجّم

بقلم عبد الله العتيبي – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم- ضعف أميركا – سياسياً لا …