الرئيسية / مقالات رأي / ماكرون..هل ينجح؟!

ماكرون..هل ينجح؟!

بقلم: محمد سلامة – صحيفة “الدستور”

الشرق اليوم – إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، أزاحت الرئيس التركي أردوغان عن الأزمة الأوكرانية، وقدمت حليفها الأوثق الرئيس الفرنسي ماكرون الذي زار موسكو والتقى نظيره فلاديمير بوتين لست ساعات متواصلة وتردد أنه قدم مبادرة باسم الاتحاد الأوروبي، فيما سيلتقي نظيره الأوكراني اليوم، ومن ثم المستشار الألماني.. فيا ترى هل ينجح في أخطر أزمة بين الناتو وروسيا منذ تفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991م؟!

ماكرون تناول في مؤتمره الصحفي مع نظيره بوتين ثلاثة نقاط هامة أولها أن فكرة الغزو الروسي لأوكرانيا ليست مطروحة على الطاولة، لكن نظيره بوتين كان حذرا في تأكيد ذلك، رغم تمريره عبارة متوارية يفهم منها أنه سيعطي الدبلوماسية فرصة لإنهاء الأزمة بقبوله تسويات أمنية ما، وثانيهما أن واشنطن وموسكو تقبلان به كوسيط عن الاتحاد الأوروبي لنزع فتيل الأزمة الأوكرانية، وهذا ما بدا واضحا من تصريحات المسؤولين في كلا الدولتين، وثالثهما النقاط التي أوردها في مؤتمره الصحفي وكأنها قواسم مشتركة يمكن البناء عليها، وتمثل في فحواها موافقة أمريكية أوروبية وهذا الإطار يفتح الطريق أمام الرئيس الأوكراني للخروج بنصف انتصار أمام شعبه، وبنفس الوقت يحقق لروسيا مطالبها الأمنية والجيوسياسية.

الرئيس بوتين كان حادا في كلماته ورسائله إلى الناتو واوكرانيا، ولم يقدم وعودا حقيقة كما أنه استخدم عبارات تهديد ومواجهة مع الناتو، كما لو أنه بصدد إصدار أوامره لغزو أوكرانيا مذكرا العالم أن الناطقين باللغة الروسية في أوكرانيا يتعرضون للتهديد وأن حكومة كييف تجاوزت كل الخطوط الحمراء، مؤشرا على أن خفض التصعيد مقبولا لإعطاء فرصة لنجاح الرئيس ماكرون في مهمته، وعلى ما يبدو فإن الأجواء ما زالت قاتمة خاصة مع استمرار توريد شحنات ضخمة من الأسلحة الأمريكية والاوروبية إلى أوكرانيا.

ماكرون.. ماكر في أقواله، وماهر في تركيب عبارات الادانة لخصمه، ويتلاعب بطريقته لفتح ثغرة في جدار موسكو وإنزالها عن الشجرة مقابل عروض اقتصادية سخية، والأسوا أنه يرسل إشارات خاطئه عن موقف نظيره الروسي، وفي الطريق أمامه شروط أمريكية واوروبية ويحاول بطريقته إظهار مرونة ليست واضحة حتى الآن في أوكرانيا،ولهذا فإن إمكانية فشله تساوي إمكانية نجاحه في نزع فتيل الأزمة قبل نهاية الشهر الحالي.

ماكرون قد يزور موسكو مرة ومرات، وذات الأمر كييف إذا وجد أرضية لامكانية إنهاء الأزمة سياسيا، لكن القيصر بطبعه الهادىء قد يفاجئ الجميع وينهي الأزمة على طريقته، والخاسر الأول والأخير أوكرانيا المهددة بالتقسيم إلى دويلات، وما بعد لن تجد صوتا أوروبيا واحدا معها، فالحروب المشتعلة بعيدة عن حدود روسيا، وما يعنيها مصالحها، أما أوكرانيا فالأمر بالنسبة للقيصر خط أحمر والمساومات محدودة وضمن متطلبات الأمن الروسي.

الرئيس ماكرون أمام مهمة تاريخية، نجاحه أو فشله سوف ينعكس أمنيا على أوروبا أولا والعالم ثانيا، فهناك جبهات مشتعلة في الشرق الأوسط وأفريقيا، وموسكو وأوروبا وأمريكا ومعهما الصين يبحثون عن المصالح والنفوذ وعن الأدوار والهيمنة، فالعالم يحبس أنفاسه بانتظار نهايات اللعبة على حدود روسيا وخاصرتها الأهم في أوكرانيا.

شاهد أيضاً

كوارث التغير المناخي

الشرق اليوم- إذا كانت الحروب والصراعات في العالم تودي بحياة آلاف البشر جراء استخدام السلاح …