الرئيسية / مقالات رأي / جونسون.. يصمد أم يستقيل؟!

جونسون.. يصمد أم يستقيل؟!

الشرق اليوم- في عام 2019 حقق حزب المحافظين البريطاني فوزاً ساحقاً في الانتخابات العامة، حيث أدى تغلبه على حزب العمال إلى أغلبية برلمانية بـ80 مقعداً. ومثّلت النتائج انتصاراً لزعيم حزب المحافظين بوريس جونسون، والذي كان قد اختير للمنصب قبل ذلك بأربعة شهور فقط. أما بالنسبة لحزب العمال، الذي يقوده اليساري الراديكالي جيريمي كوربن، فقد شكّلت نتائجه في تلك الانتخابات أسوأ هزيمة منذ عام 1935.

حجم الانتصار الذي حققه جونسون كان ممكناً لأن أعداداً كبيرة من الناخبين العماليين الذين يصوتون لصالح حزب العمال تقليدياً في القلب الصناعي لانجلترا، أعرضوا عن كوربن، مدمِّرين بذلك ما يسمى “الجدار الأحمر” الذي كان يضمن لحزب العمال انتصارات في الماضي. والواقع أنه كان من السهل فهم الأسباب الرئيسية لانتصار جونسون. فقد كان سياسياً لامعاً، ومعروفاً من قبل الجمهور البريطاني منذ الأيام التي كان يتولى فيها منصب عمدة العاصمة لندن. وفضلاً عن ذلك، فإن سلوكه وطبيعته المرحة والحماسية كانت تتباين كثيراً مع خصمه، زعيم حزب العمال الضعيف والمفتقر للشعبية، والذي كان منبوذاً حتى من قبل أغلبية المعتدلين داخل حزبه. وبعد وقت قصير على الانتخابات، استقال كوربن وحلّ محلّه السير كير ستارمر الأكثر اعتدالاً.

انتصار جونسون منحه الأغلبيةَ البرلمانيةَ من أجل استكمال معظم العناصر التي كانت عالقةً ضمن المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي من أجل تنفيذ انسحاب بريطانيا من الاتحاد (“بريكسيت”). لكن جونسون لم يكن لديه كثير من الوقت للاسترخاء، ذلك أنه في أوائل عام 2020، كان العالمُ في قبضة وباء غير مسبوق. وكانت بريطانيا واحدة من أولى البلدان التي أصيبت بفيروس “كوفيد-19″على نحو خطير، فشرعت في فرض قواعد وإجراءات متشددة تقيّد سلوك المواطنين في محاولة لاحتواء الفيروس. وهذه القواعد والكيفية التي طبّقت بها هي سبب المتاعب التي يتخبط فيها جونسون اليوم، وقد تكون سبباً لخسارته منصبَه كرئيس للوزراء.

فمنذ ربيع عام 2020، حظرت قواعدُ الحكومة البريطانية التجمعات الاجتماعية لأكثر من شخصين، وفرضت نحو 100 ألف غرامة مهمة على منتهكي تلك القواعد حتى الآن. وطالت القيودُ كلَّ الأحداث والمناسبات، مثل حفلات أعياد الميلاد وحفلات الزفاف والجنازات و”حفلات الكريسماس” البريطانية ذات الشعبية الواسعة التي تقام خلال شهري نوفمبر وديسمبر من كل عام.

لكن على مدى أشهر هذا الإغلاق، كشفت تسريبات إلى الصحافة وأعضاء البرلمان أنه في عدد من المرات أقام رئيس الوزراء وموظفوه وحضروا فعاليات اجتماعية تُعد، وفقاً لأي تأويل للقوانين، مخالِفةً للقانون، وذلك في الوقت نفسه الذي مُنع فيه مواطنون من حضور جنازات أقاربهم. وأضحت أخبار تلك الانتهاكات جد شائعة ومتداولة لدرجة أنه طُلب من سو غراي، كبيرة موظفي الخدمة المدنية (معنية بمراقبة أخلاقيات الحكومة)، فتح تحقيق في الموضوع لرؤية ما إن كان رئيس الوزراء وموظفوه قد خرقوا القواعد وبالتالي القانون خلال الفترة الطويلة لإغلاق المجتمع البريطاني.

وفي 31 يناير، أصدرت غراي تقريراً أولياً وجد “سوء قيادة وتقدير” من قبل “مكتب مجلس الوزراء”، وأن بعض الفعاليات “ما كان ينبغي السماح بحدوثها”.

وأضاف التقرير أن “الاستهلاك المفرط للمشروبات الكحولية لا يجوز في مكان عمل مهني في أي وقت من الأوقات”. هذا ومن المرتقب أن يُنشر قريباً تقرير أطول يتضمن تفاصيل أوفى وصوراً للفعاليات المذكورة.

ونتيجة لذلك، يواجه جونسون سيلاً من الانتقادات، بما في ذلك انتقادات من داخل حزبه حيث يدعوه كثيرون إلى الاستقالة. وحتى الآن، يرفض جونسون بحث هذا الخيار، غير أنه إذا قرر عددٌ كاف من أعضاء حزبه أن الوقت قد حان لكي يرحل، فإن مشواره الحالي في رئاسة الوزراء سينتهي. أما إذا تمكن على نحو ما من الصمود والنجاة، فإنه سيكون قد أُضعف لدرجة أن أي أخطاء جديدة قد يرتكبها يمكن أن تكون قاتلة، وحينها سيصعد زعيمٌ جديد للحزب ورئيسُ وزراء جديد.

شاهد أيضاً

عند الأفق المسدود في غزة

بقلم: عبدالله السناوي – صحيفة الخليج الشرق اليوم- استغلقت حرب غزة على أي أفق سياسي …